مخاطر الحبوب المنومة بدون وصفة طبية وتأثيرها الصحي
مع تزايد انتشار اضطرابات النوم بين البالغين والأطفال، يلجأ العديد من الأفراد إلى تناول الحبوب المنومة دون تشخيص مناسب أو توجيه طبي.
سارة الأمين، وهي موظفة تسويق تبلغ من العمر 29 عاماً في دبي، بدأت في استخدام المكملات العشبية التي تحفز "الميلاتونين" لتتمكن من النوم بسرعة، معتقدة أنها حل بسيط لمعاناتها الليلية. ووفقاً لخبراء المجال الطبي، فإن الاعتماد على الحبوب المنومة يمكن أن يؤدي إلى ضعف الذاكرة لدى البالغين وقد يعيق نمو الدماغ لدى الأطفال.
وبدأت سارة في شراء المكملات الغذائية من الصيدليات المحلية، على أمل أن تؤمن لها الراحة الكافية لتتمكن من القيام بواجبات عملها الشاق. ومع ذلك، بمرور الوقت، أدركت أنه حتى في الليالي التي شعرت فيها بالنعاس الشديد، اعتادت أن تلجأ إلى تناول الحبوب لتسريع عملية خلودها إلى النوم، دون أن تدرك المخاطر التي تتعرض لها.
وأوضحت المقيمة في الشارقة: "بدأت في تناولها كمكمل غذائي، واعتقدت أنها ستساعد في تحسين دورة نومي لأنها تحفز الميلاتونين، الذي اعتقدت أنه طريقة طبيعية للنوم بشكل أفضل". وأضافت: "في البداية، كان لها تأثير رائع، لكنني الآن أجد نفسي أعتمد عليها حتى عندما لا أكون بحاجة إليها. كل ما في الأمر أنني أريد التأكد من أنني أنام جيداً بما يكفي لأداء عملي".
ينصح الصيادلة بالحذر عند تناول المكملات العشبية التي لا تتطلب الحصول على وصفة طبية. ورغم أنها قد تكون خياراً مناسباً، إلا أن جميع المنتجات العشبية لا يتم تصنيعها بنفس الطريقة، وقد تختلف فعاليتها.
قالت علا أنور، الصيدلانية المرخصة: "في حين أن المكملات العشبية مثل الميلاتونين يمكن أن توفر بديلاً طبيعياً لتحسين النوم، فمن الضروري التعامل معها بحذر. فقد تتفاعل مع أدوية أخرى ولا تناسب الجميع دائماً". وأكدت أنه من المهم للمستهلكين استشارة الصيدلاني أو مقدم الرعاية الصحية لضمان اختيار خيار آمن ومناسب لاحتياجاتهم.
وأشار الدكتور سلمان كريم، المتخصص في الطب النفسي في عيادة أستر، إلى الاختلافات الرئيسية بين حبوب النوم الموصوفة طبياً والمكملات العشبية المتاحة دون وصفة طبية والتي تحفز الميلاتونين. وأكد أن "حبوب النوم الموصوفة طبياً معتمدة من إدارة الغذاء والدواء، وقد خضعت لاختبارات صارمة في التجارب السريرية، ولا يمكن وصفها إلا من قبل متخصصين مرخصين في الرعاية الصحية".
وأوضح أيضاً أن حبوب النوم الموصوفة يوصى بها عادةً للأفراد الذين يعانون من حالات صحية محددة، مثل الأرق المزمن أو مشاكل النوم المرتبطة بالقلق أو الاكتئاب. وأضاف: "يجب وصفها فقط بعد تقييم شامل من قبل طبيب نفسي".
الاستخدام طويل الأمد
وأوضحت الدكتورة إيمان أحمد إبراهيم محمد، أخصائية طب الأسرة في مستشفى أستر الشارقة، أن الاستخدام المطول لدى البالغين قد يؤدي إلى الاعتماد عليها أو تطوير مقاومة لها والتدهور المعرفي، بما في ذلك مشاكل الذاكرة. كما يواجه كبار السن خطراً متزايداً للسقوط والحوادث، مما قد يؤدي إلى عواقب وخيمة. وأضافت: "بالنسبة للأطفال، قد يكون التأثير أكثر شدة، مما قد يؤثر على نمو أدمغتهم ويغير سلوكهم ومزاجهم".
وبالنسبة للبدائل الأكثر أماناً لإدارة اضطرابات النوم، اقترحت الدكتورة إيمان العلاج السلوكي المعرفي للأرق كخيار قابل للتطبيق. وقالت: "يعالج هذا النهج الأسباب الجذرية لصعوبات النوم دون الحاجة إلى تناول الأدوية". كما يمكن أن تعزز التغييرات الأخرى في نمط الحياة - مثل إنشاء جدول نوم ثابت والحد من تناول الكافيين وقضاء الوقت أمام الشاشات - أنماط النوم الصحية.
ولكن كيف يمكن للأفراد معرفة ما إذا كانوا أصبحوا معتمدين على الحبوب المنومة؟ لاحظ الدكتور كريم عدة علامات: "إذا وجدت أنك في حاجة إلى جرعات أعلى للحصول على نفس التأثير أو شعرت بالقلق بشأن عدم توفر الدواء، فهذه مؤشرات واضحة على الاعتماد". ونصح أي شخص يعاني من هذه الأعراض باستشارة مقدمي الرعاية الصحية.
اللاصقات المساعدة على النوم
مع انتشار المخاوف بشأن إدمان حبوب النوم، بدأ بعض السكان في استكشاف البدائل. اكتشفت حصة (تم تغيير الاسم بناءً على طلبها)، وهي أم تبلغ من العمر 32 عاماً وتقيم في دبي، مؤخراً لاصقات المساعدة على النوم أثناء تسوقها عبر الإنترنت. وقالت: "لم أرَ لاصقات النوم من قبل، لذا قررت تجربتها".
وبعد استخدام اللاصقات، لاحظت تحسناً في جودة نومها العميق. وبفضل النتائج التي حصلت عليها، سمحت لابنها البالغ من العمر 13 عاماً بتجربة اللصقة أيضاً. وتقول: "كان يشكو كثيراً من التقلب في فراشه أثناء الليل، ولكن بعد استخدام اللصقة، أصبح يرغب في استخدامها كل ليلة". وعلى الرغم من حماسه، ترددت في السماح له باستخدامها بانتظام، خوفاً من الاعتماد عليها.
وأشارت الدكتورة شادية شريفي، أخصائية طب الأعصاب المعتمدة في طب النوم في مستشفى السعودي الألماني بدبي، إلى أن لاصقات النوم تساعد في تقليل الوقت الذي يستغرقه الشخص للخلود إلى النوم والحفاظ على نمط نوم أطول. وأضافت: "تفرز هذه اللاصقة الميلاتونين، وهو هرمون ينظم النوم، من خلال الجلد مباشرة إلى الجسم. وهذا ما يمكن أن يساعد الأفراد على النوم بشكل أسرع والبقاء نائمين لفترة أطول".
وحذرت شريفي من أنه "على الرغم من أن الميلاتونين قد يكون آمناً للاستخدام على المدى القصير، إلا أن فعاليته قد تنخفض مع الاستخدام المستمر. ولتحقيق أقصى استفادة منه، من الأفضل تركه لفترات واستخدامه بشكل متقطع".
ومن المهم أن نلاحظ أن الميلاتونين لا ينصح به للأطفال دون سن الثالثة. وأكدت أن "الأطفال المصابين باضطراب نقص الانتباه وفرط الحركة والتوحد واضطرابات النمو العصبي الأخرى غالباً ما يواجهون تحديات في النوم قد تتطلب تدخل المتخصصين".