إنجاز طبي
إنجاز طبي

الإمارات: تجميد أنسجة المبيض حفاظاً على الخصوبة

طفرةً علميةً تُسهم في الحفاظ على خصوبة نساء خضعن لعلاجات تُؤثر على وظيفة المبيض
تاريخ النشر

منذ عقدين من الزمن، حينما اضطرت فتاة إماراتية للخضوع لعملية زرع نخاع عظمي، لاحت في الأفق غمامة العقم تُهدد مستقبلها. إلا أن والديّ الطفلة، التي لم تتجاوز التاسعة من عمرها آنذاك، قررا التماس العلاج لها في الخارج، حيث خضعت لعملية طبية كبيرة لتجميد أنسجة المبيض، مُنحت من خلالها أملاً جديداً في الأمومة.

واليوم، تُسجل دولة الإمارات العربية المتحدة إنجازاً طبياً جديداً بتطبيق هذه التقنية المُبتكرة للمرة الأولى على أرضها، وتحديداً في مركز "هيلث بلاس للخصوبة"، بالتعاون مع مستشفى "كليفلاند كلينك أبوظبي". وفي هذا السياق، صرحت الدكتورة "مونيكا تشاولا"، المديرة الطبية للمركز: "إن هذا الإجراء الرائد سيُحدث ثورةً في حياة العديد من المرضى، ويفتح أمامهم آفاقاً جديدةً للأمل."

وأكدّت الدكتورة تشاولا أن هذه التقنية تُعدّ طفرةً علميةً هائلةً تُسهم في الحفاظ على أنسجة المبيض، خاصةً للنساء اللواتي يخضعن لعلاجات قد تُؤثر على وظائفهن الإنجابية، مثل علاجات السرطان كالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي. وتتم هذه العملية من خلال استئصال المبيض كاملاً أو جزءاً منه، ثم تقطيعه إلى شرائح دقيقة، وحفظه في المختبر مجمداً.

وأضافت: " يُمكن فيما بعد استعادة هذه الأنسجة وإعادة زرعها في جسم المرأة، مما يُعيد إليها القدرة على الإنجاب، ويُنعش وظائفها الهرمونية التي يوفرها المبيض."

تم الإبلاغ عن أول ولادة حية باستخدام هذه التقنية الواعدة في عام 2004. وعلى الرغم من أن الأبحاث لا تزال جارية على هذه التقنية، إلا أن الجمعية الأمريكية للطب التناسلي قد أقرتها كتقنية فعّالة للحفاظ على الخصوبة.

من تستفيد من هذه التقنية؟

لطالما اعتُبر تجميد البويضات والأجنة الخيار الأمثل للحفاظ على الخصوبة لدى النساء اللواتي يخضعن للعلاج الإشعاعي والكيميائي لأمراض مُعينة. ومع ذلك، أشارت الدكتورة "مونيكا" إلى أن هذه التقنية لا تُناسب جميع النساء.

وأوضحت قائلةً: "لا يُمكن للفتيات الصغيرات اللواتي شُخّصن بالسرطان الخضوع لتجميد البويضات، نظراً لعدم نضج بويضاتهن في تلك المرحلة العمرية. كما أن بعض المريضات اللواتي يُعانين من أنواع سرطانية شديدة العدوانية، لا يملكن الوقت الكافي للخضوع لتحفيز هرموني لمدة أسبوعين إلى أربعة أسابيع بعد التشخيص، إذ يتطلب الأمر البدء بالعلاج الكيميائي أو الإشعاعي في أقرب وقت ممكن."

وقالت أن بعض الأورام الخبيثة الحساسة للهرمونات تُعيق إمكانية حصول المريضات على حقن الهرمونات اللازمة لتجميد البويضات. وتتطلب هذه التقنية إجراء جراحة بالمنظار لاستئصال أنسجة المبيض وتجميدها لفترات طويلة. وأكدت الدكتورة "مونيكا" على تميز هذه التقنية ببعض المزايا، قائلةً: "إنها تُتيح للمرأة استعادة وظيفتها الإنجابية، بالإضافة إلى وظيفة الغدد الصماء أو الهرمونات."

كما أن النساء اللاتي يُعانين من طفرات جينية، مثل مُتلازمة تيرنر والتهاب بطانة الرحم الشديد، يُمكنهن أيضاً الاستفادة من هذه التقنية. وأضافت: "نُركز حالياً على الحالات الوراثية وحالات الأورام، بالإضافة إلى المريضات اللاتي يُعانين من أمراض الدم الوراثية مثل فقر الدم المنجلي والتلاسيميا، وهي اضطرابات دموية تستدعي الخضوع لعملية زرع نخاع العظم."

في الإمارات

أُجريت هذه التقنية بالفعل على مريضة إماراتية تبلغ من العمر 32 عاماً، تعاني من "ليمفوما هودجكين"، وهو نوع من السرطان يُصيب الجهاز الليمفاوي.

أفادت الدكتورة "مونيكا": "شُخّصت حالتها في مركز الأورام بمستشفى كليفلاند كلينك أبوظبي، ثم أُحيلت إلينا في وحدة الحفاظ على الخصوبة. أُجريت لها عملية تنظير البطن، وتم استئصال أحد المبيضين. تخضع هذه السيدة حالياً للعلاج الكيميائي، وسيستغرق الأمر بضع سنوات حتى تُنهي رحلة علاجها. نأمل بعد ذلك أن نتمكن من إعادة زرع الأنسجة إليها، ليتسنى لها تحقيق حلم الأمومة."

أما أول فتاة إماراتية خضعت لهذه العملية عام 2004، فقد أُعيد زرع أنسجة المبيض لها لاحقاً، ورزقت بطفل سليم معافى. واختتمت حديثها قائلةً: "ستكون هذه التقنية بمثابة طوق نجاةٍ للعديد من النساء، خاصةً اللواتي يُعانين من أمراض وراثية أو السرطان."

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com