السرقة كوسيلة للهروب من الخدر العاطفي
السرقة كوسيلة للهروب من الخدر العاطفي

سرقة المتاجر : أسباب نفسية وعلاجات مقترحة

خبراء : من يعانون من الاكتئاب ومشاكل الصحة العقلية الأخرى قد يلجأون إلى السرقة "للهروب من الخدر العاطفي"
تاريخ النشر

يذكر أحد علماء النفس السريري أن الأشخاص المصابين بالاكتئاب قد يلجأون إلى السرقة كوسيلة للهروب من خدرهم العاطفي. لكن الإحساس بالإنجاز الذي تمنحه هذه الوسيلة يكون مؤقتاً، وغالباً ما يتبعه شعور بالذنب ومشاعر سلبية أخرى.

سرقة المتاجر، التي يُنظر إليها في كثير من الأحيان على أنها فعل سرقة بسيط، أصبحت تُفهم بشكل متزايد على أنها سلوك معقد مدفوع بعوامل نفسية.

وقال الدكتور "سيجي رافيندران"، أخصائي علم النفس السريري ومعالج التنويم المغناطيسي السريري ومدرب البرمجة اللغوية العصبية في مركز AIITECH للتدريب التعليمي في دبي: "يمكن أن يدفع التوتر والقلق والاكتئاب الأفراد إلى السرقة كشكل من أشكال الراحة المؤقتة، حيث يؤدي هذا الفعل إلى زيادة الدوبامين في الدماغ، مما يوفر شعورًا وجيزًا بالإنجاز".

يعاني حوالي ثلث مرتكبي جرائم السرقة من الاكتئاب؛ وغالبًا ما تكون المشاكل الصحية العاطفية والعقلية واضطرابات التحكم في الانفعالات، مثل الهوس بالسرقة، هي السبب الرئيسي وراء جرائم السرقة، وفقًا للرابطة الوطنية للوقاية من جرائم السرقة.

قال الدكتور سيجي: "قد يلجأ الأشخاص الذين يعانون من الاكتئاب إلى السرقة للهروب مؤقتًا من الخدر العاطفي، في حين أن الهوس بالسرقة ينطوي على رغبة قهرية مرتبطة باضطرابات التحكم في الدوافع. وفي كلتا الحالتين، تعمل السرقة كآلية للتعامل العاطفي، ولكنها غالبًا ما تتبعها مشاعر الذنب، مما يؤدي إلى تفاقم الحالة الأساسية".

ولكن لا ينبغي الخلط بين السرقة من المتاجر والهوس بالسرقة. فالهوس بالسرقة هو اضطراب نفسي معترف به ينطوي على رغبة لا يمكن السيطرة عليها في السرقة. وأضاف الدكتور سيجي: "يختلف الهوس بالسرقة عن السرقة التقليدية لأنه مدفوع بدوافع لا يمكن السيطرة عليها، وليس باحتياجات أو رغبات عملية".

غالبًا ما لا يرغب الأفراد الذين يعانون من هوس السرقة في الأشياء التي يسرقونها أو لا يحتاجون إليها. وبدلاً من ذلك، تصبح عملية السرقة نفسها آلية للتكيف مع الضيق العاطفي، وغالبًا ما توفر راحة مؤقتة.

كما أن دور نظام المكافأة في الدماغ والاندفاعية يوفران رؤى مهمة حول سلوكيات السرقة من المتاجر. يقول الدكتور ألكسندر ماشادو، أخصائي علم النفس العصبي السريري في عيادة ميدكير كامالي: "إن عوامل مثل الاندفاعية والصدمة العاطفية واضطرابات المزاج مثل الاكتئاب والقلق شائعة بين سارقي المتاجر. وقد تكون القشرة الجبهية، التي تنظم التحكم المثبط واتخاذ القرار، غير متطورة أو أقل نشاطًا لدى الأفراد المعرضين لهذه السلوكيات".

وأضاف: "إن اضطراب هوس السرقة يتميز برغبة لا يمكن السيطرة عليها في السرقة، غالباً لأسباب لا تتعلق بالاحتياجات المادية، مما يعكس خللاً في دوائر المكافأة والتحكم في الدوافع في الدماغ، كما أثبتت الأبحاث".

يتطلب علاج الأفراد الذين يعانون من سلوكيات السرقة من المتاجر معالجة المحفزات النفسية والعصبية التي دفعت هؤلاء الأفراد إلى هذه الأفعال. واتفق كل من الدكتور سيجي والدكتور ألكسندر على أن العلاجات مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج بالقبول والالتزام قد تكون فعالة في مساعدة الأفراد على كسر دائرة السلوك الاندفاعي.

وقال الدكتور ألكسندر: "يلعب العلاج دورًا حاسمًا في تحديد وعلاج الأسباب الكامنة وراء سلوك السرقة من المتاجر. كما يمكن لعلم النفس العصبي أن يوفر رؤى حول كيفية ارتباط مناطق الدماغ التي تنظم الاندفاع واتخاذ القرار بالتفاعلات العاطفية، مما يسمح بعلاج أكثر استهدافًا".

وذكر الدكتور سيجي أن العلاجات مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج بالقبول والالتزام والبرمجة اللغوية العصبية: "بالنسبة لأولئك الذين يعانون من حالات نفسية مثل الاكتئاب أو الهوس بالسرقة، فإن العلاجات مثل العلاج السلوكي المعرفي والعلاج بالقبول والالتزام والبرمجة اللغوية العصبية يمكن أن تساعد في كسر حلقة السلوك الاندفاعي من خلال معالجة المحفزات العاطفية وتحسين التنظيم الذاتي".

وأضاف أنه في بعض الحالات، يمكن أيضًا استخدام أدوية مثل مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية أو النالتريكسون لإدارة مشكلات التحكم في الدوافع من خلال تنظيم مستويات السيروتونين أو تقليل الرغبة الشديدة المرتبطة بالحاجة إلى السرقة.

إن منع سرقة المتاجر يتطلب أكثر من مجرد تدابير عقابية، مما يجعل من الضروري فهم الدوافع النفسية والعاطفية وراء هذا السلوك. وأشار الدكتور سيجي إلى أن برامج الوقاية يجب أن تتضمن تقييمات نفسية، وتدريب الذكاء العاطفي، وتقنيات اليقظة لتعزيز مهارات التأقلم. بالإضافة إلى ذلك، أكد الدكتور ألكسندر على أهمية معالجة العوامل البيئية والاجتماعية، مثل الضغوط الاقتصادية.

وأشار أيضًا إلى أنه من الناحية الأخلاقية، من الضروري توفير العلاج، وليس العقاب فقط، للأفراد الذين كانت سلوكيات السرقة لديهم متجذرة في ظروف الصحة العقلية. وأكد: "من الضروري أن يعمل المتخصصون في الصحة العقلية والنظام القضائي معًا لضمان حصول الأفراد على الرعاية المناسبة بناءً على احتياجاتهم الصحية العقلية".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com