الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب عدم الإبلاغ والوصمة المحيطة بالصحة العقلية
الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب عدم الإبلاغ والوصمة المحيطة بالصحة العقلية

17% من النساء في الإمارات يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة

النساء اللاتي يفتقرن إلى الدعم من شركائهن أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب "ست مرات"
تاريخ النشر

كشفت دراسة أن ما لا يقل عن 17% من النساء في دولة الإمارات يعانين من اكتئاب ما بعد الولادة دون وجود تاريخ سابق للإصابة بالاكتئاب.

وتوافقاً مع هذه الفكرة، أكد الأطباء أيضاً أن الأرقام الفعلية قد تكون أعلى بسبب عدم الإبلاغ والوصمة المحيطة بالصحة العقلية.

وأشارت دراسة صادرة عن جامعة ماستريخت بعنوان "اكتئاب ما بعد الولادة في الإمارات العربية المتحدة: الرؤى والتحديات وسبل الدعم" إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة يتميز "بمشاعر مستمرة من الحزن، وانخفاض في الحالة المزاجية، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، واضطرابات النوم، وتغيرات في الشهية."

وتشمل الأعراض الأخرى الأفكار السلبية والشعور بالذنب، وصعوبة التركيز واتخاذ القرارات، ونقص الطاقة والتعب الشديد، والانفعال المفرط أو الغضب، والتحديات في الترابط مع الطفل.

وتشير الدراسة أيضاً إلى أن اكتئاب ما بعد الولادة غالباً ما لا يتم تشخيصه، مما يؤدي إلى مجموعة واسعة من الآثار السلبية على الأم والطفل والأسرة.

الوصمة المحيطة بالصحة العقلية

ذكرت الدكتورة ندى عمر، استشارية الطب النفسي في مستشفى برجيل بأبوظبي، أن "بعض الدراسات تشير إلى أن الأرقام قد تكون أعلى بسبب نقص الإبلاغ والوصمة المحيطة بالصحة العقلية. تسعى العديد من النساء للحصول على الدعم لمشاكل ما بعد الولادة، إلا أنهن قد يواجهن حواجز كبيرة، مثل الوصمة الثقافية، وقلة الوعي، وتقييد الوصول إلى موارد الصحة العقلية. وتفيد التقارير بأنه في حين تعبر بعض النساء عن معاناتهن، تظل العديد منهن صامتات خوفاً من الأحكام الاجتماعية."

وأضافت أن "اليأس الشديد المرتبط باكتئاب ما بعد الولادة قد يؤدي بالفعل إلى نتائج خطيرة، بما في ذلك وفاة الأم بسبب إيذاء نفسها. بالإضافة إلى ذلك، قد تنطوي الحالات الشديدة على أفكار لإيذاء الطفل، وهو ما قد يكون مؤلماً للأمهات".

اضطرابُ الشخصية الزورانيّ (

وأكد الخبراء أن الناس غالباً ما يعمّمون أعراضهم على أنها "اكتئاب"، لكن عادة ما يظهر اكتئاب ما بعد الولادة في أشكال متنوعة.

يشرح "جيريش هيمناني"، مدرب الحياة المقيم في دبي، أن "كآبة ما بعد الولادة تتضمن تقلبات مزاجية خفيفة، والبكاء، والقلق الذي يظهر خلال الأيام الأولى بعد الولادة، وعادة ما يختفي خلال أسبوعين. أما اكتئاب ما بعد الولادة، فهو حالة أكثر شدة تستمر لفترة أطول، وقد يظهر بعد عدة أسابيع أو أشهر من الولادة. تتضمن أعراضه الحزن المستمر، وفقدان الاهتمام، والشعور بالتعب وعدم القيمة، وصعوبة الارتباط بالطفل."

وأوضح أن "قلق ما بعد الولادة" يتميز بالقلق المستمر، ونوبات الهلع، وأفكار حول احتمال إلحاق الأذى بالطفل. أما "ذهان ما بعد الولادة"، وهو حالة نادرة لكنها حرجة، فيتميز بوجود أوهام، وهلوسات، وارتباك، وأفكار إيذاء النفس أو إيذاء الطفل. وفي مثل هذه الحالات، يكون التدخل الفوري بالغ الأهمية.

يُفسر أن اكتئاب ما بعد الولادة قد ينشأ عن عوامل عدة مثل التغيرات الهرمونية بعد الولادة والتي يمكن أن تؤدي إلى تقلبات المزاج وعدم الاستقرار العاطفي.

إن المتطلبات الجسدية والعاطفية لرعاية طفل حديث الولادة، بالإضافة إلى الحرمان من النوم، يمكن أن تساهم في الشعور بالإرهاق.

دور طبيب التوليد في التعرف على الأعراض

قالت الدكتورة أمل حسن عبد العزيز، استشارية ورئيسة قسم أمراض النساء بمستشفى ثومبي الجامعي: "من المهم جدًا أن يقوم طبيب التوليد بفحص جميع النساء القادمات في زيارة ما بعد الولادة لشرح ما هو اكتئاب ما بعد الولادة، وكيفية التمييز بين اكتئاب ما بعد الولادة والاكتئاب بعد الولادة".

وأوضحت الأطباء أن النساء اللاتي يفتقرن إلى الدعم من شركائهن أكثر عرضة بنحو "ستة أضعاف" للإصابة بالاكتئاب مقارنة بمن يتمتعن بهذا الدعم.

وأشارت إلى أن الانتقال إلى الأمومة قد يكون مرهقاً، وأن غياب الشريك الداعم قد يجعل هذا الانتقال أكثر صعوبة. وأضافت: "التغيرات العصبية الحيوية، مثل التغيرات الهرمونية واختلال التوازن في النواقل العصبية، يمكن أن تؤدي إلى تفاقم مشاعر اليأس".

والجدير بالذكر أن المتخصصين في الرعاية الصحية أوضحوا أن الرضاعة الطبيعية تلعب دوراً مهماً في الصحة العقلية.

"تشير الدراسات إلى أن الرضاعة الطبيعية قد تسهم في تقليل أعراض الاكتئاب بمرور الوقت من خلال خفض مستويات هرمونات التوتر. وتُفيد العديد من الأمهات اللاتي يرضعن أطفالهن طبيعياً بشعورهن بقدر أكبر من الثقة في تربية أطفالهن، مما يمكن أن يعزز صحتهن العقلية. لذلك، يلعب الأطباء دوراً حيوياً في اكتشاف هذه الأعراض مبكراً وتشجيع النساء على طلب الدعم."

التعويض

ويؤكد الأطباء أن هناك حاجة إلى مزيج من الأساليب المصممة خصيصاً لمعالجة هذه المشكلة عندما تظهر الأعراض وتختلف في شدتها.

وأضافت عبد العزيز: "إن طلب المساعدة المهنية أمر ضروري، من خلال العلاج النفسي والمشاركة في مجموعات الدعم. يمكن للطبيب النفسي أو الطبيب المعالج تقييم شدة الحالة وتقديم توصيات علاجية، قد تشمل العلاج النفسي أو الأدوية مثل مضادات القلق أو مضادات الاكتئاب، أو كلاهما. ويُعتبر العلاج السلوكي المعرفي فعالاً بشكل خاص في مساعدة الأمهات على إعادة صياغة الأفكار السلبية وتطوير استراتيجيات للتأقلم. كما أن الدعم من الأسرة والأصدقاء يلعب دوراً بالغ الأهمية، ويمكن أن يساعد العلاج الزوجي في تحسين التواصل والدعم بين الشريكين."

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com