سارة بروك في مالاوي
سارة بروك في مالاوي

الإمارات: "سارة بروك"من ضحية تنمرإلى تغيير حياة الآلاف

أنشأت المغتربة البريطانية سارة بروك مؤسسة "سباركل" التي تدعم 500 طفل يومياً في مالاوي.
تاريخ النشر

"على الرغم من تعرضها للتهديد بالسكين، وإصابتها إصابة دماغية خطيرة، ومواجهتها للاعتقال غير القانوني في مالاوي، وخضوعها لعملية جراحية خطيرة، ومرورها بسبع تجارب كادت أن تودي بحياتها، لم يوقفها أي شيء عن مواصلة مهمتها التي استمرت 16 عاماً لتغيير حياة الناس. ما بدأ كرغبة لفتاة تبلغ من العمر 18 عاماً في مساعدة طفل واحد في مالاوي، تطور الآن إلى مؤسسة "سباركل" التي تضم أكثر من 50 موظفاً، وتدعم 17 مجتمعاً و500 طفل يومياً."

"نجحت سارة في حشد أكثر من 250 متطوعاً عالمياً، وتحدثت في أكثر من 220 حدثاً حول العالم. كما أنشأت برنامجاً قيادياً يُستخدم في المدارس في مختلف أنحاء الشرق الأوسط وأوروبا، وطورت شراكة مؤسسية مع شركة المحاماة الدولية كليفورد تشانس، لإحداث تأثير دائم. ألهمت سارة الأطفال بدءاً من سن الرابعة لاتخاذ خطوات فعلية، وأنشأت حركة تدعو إلى الأعمال الخيرية الفعّالة. وتتمثل 'قوتها العظمى' في قدرتها على حشد الناس حول قضية مشتركة لبناء مجتمع من المؤيدين المخلصين."

رحلة عالمية

عانت سارة من زيادة الوزن عندما كانت طفلة صغيرة، وكانت تتعرض للأحكام المسبقة بسبب مظهرها. وجاءت اللحظة الحاسمة عندما حُرمت من فرصة لعب الهوكي على مستوى تنافسي بسبب حجمها. بدلاً من السماح لهذا الأمر بتحديد هويتها، طورت سارة عقلية تهدف إلى إثبات خطأ الآخرين. تقول: 'بغض النظر عن حجمي، كنت أرغب في إثبات أنني ما زلت أستطيع اللعب، وقد امتدت هذه العقلية إلى كل ما قمت به'.

لقد غرس والداها فيها الاعتقاد بأنها قادرة دائماً على تحقيق الأفضل، وأصبح هذا الاعتقاد هو أساس عمل حياتها.

في عام 2008، عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها، أشارت بشكل عشوائي على الخريطة إلى مكان ترغب في زيارته، وانطلقت في رحلة إلى مالاوي. تتذكر قائلة: 'هناك، أصبت بانسداد في الأمعاء بعد تناول كميات كبيرة من الطعام المحلي، وكان نقص المعدات المعقمة في المستشفى يشكل خطراً بنسبة 96٪ لانتقال فيروس نقص المناعة البشرية'.

فقدت وعيها، وعندما استيقظت، أُخبروها أن العديد من المرضى، وخاصة الأطفال، ظلوا ينتظرون لأنها حصلت على الأفضلية فقط بسبب لون بشرتها. وقد توفي بعض هؤلاء الأطفال أثناء الانتظار. أشعلت هذه الحادثة بداخلها شعوراً عميقاً بالهدف وإحساساً ملحاً بالحاجة إلى العطاء."

بعد تعافيها، عادت سارة إلى مالاوي حيث تأثرت بشدة بالفقر المدقع ونقص التعليم والرعاية الصحية المحدودة في المجتمعات الريفية. قررت اتخاذ خطوة فعلية، فأسست مؤسسة سباركل في عام 2015، ووجهت طاقتها نحو بناء منظمة تهدف إلى معالجة هذه التحديات بشكل مباشر.

في المملكة المتحدة، توجهت سارة إلى الحكومة بحلم إنشاء مؤسسة خيرية فريدة من نوعها تعمل بطرق مختلفة. ورغم أنها قوبلت بالتشكك في البداية، إلا أنها ظلت ثابتة على تحقيق هدفها. في عام 2013، شاهدت إعلاناً تلفزيونياً عن دبي كمدينة الأحلام، وفي غضون أسبوع، انتقلت إلى الإمارات العربية المتحدة. بدأت عملها كصحفية ثم انضمت إلى وكالة علاقات عامة. ساعدها راتبها المعفي من الضرائب في تمويل مشاريعها الخيرية في مالاوي.

باعتبارها منظمة غير حكومية دولية مسجلة في المملكة المتحدة، تتميز مؤسسة سارة بنهجها الشامل الذي يركز على التعليم، والرعاية الصحية، والتغذية، وتمكين المجتمع. يتميز نهج سارة بالاستدامة، حيث يهدف إلى مساعدة المجتمعات على تحقيق الازدهار بشكل مستقل، مع تحسين رفاهية الآلاف من الناس في جميع أنحاء القارة.

اكتسبت سارة خبرة فريدة في العمل الخيري وجمع التبرعات والمسؤولية الاجتماعية من خلال سنوات من الخبرة التي بدأت في مجال الإعلام. بعد حصولها على درجة البكالوريوس في علم النفس، بدأت حياتها المهنية كصحفية، ثم انتقلت إلى مجالات الاتصالات والتنمية والعلاقات العامة. ساعدت خبرتها في الاستشارات المؤسسية، بالتعاون مع منظمات مرموقة مثل (كليفور تشانس و بي دبليو سي) PwC وClifford Chance وبورصة لندن، في سد الفجوة بين عالم الشركات والعمل الخيري."

بفضل خبرتها التي تزيد عن عشر سنوات في العمل في القطاعين المؤسسي وغير الربحي، تؤكد سارة أن 'الأمر كله يتعلق بالناس. لم يعتمد نجاح مؤسسة سباركل على ميزانيات تسويقية ضخمة، بل على الدعاية الشفهية وتفاني الأفراد. لقد تعلمت أن الناس يرغبون حقاً في المساعدة، لكنهم لا يعرفون دائماً كيف يفعلون ذلك.'

لا تمانع سارة في السمعة السيئة التي تواجهها الجمعيات الخيرية في كثير من الأحيان هذه الأيام، وتعمل على تغيير ذلك من خلال تبني أفضل الممارسات. وتقول: 'نحن بحاجة إلى ابتكار طريقة جديدة للقيام بالأعمال الخيرية، طريقة تركز على التعاون والشفافية.'

نمت المؤسسة بفضل جهود المتطوعين الذين دعموا مهمة سارة. قامت "آنا بيل بوث"، التي انضمت إلى المؤسسة كمساعدة تنفيذية لسارة، بربط المؤسسة بالمدرب "بن ماكبرايد" من أكاديمية إس كيه. وبعد ذلك، سافر بن ماكبرايد إلى مالاوي، حيث بدأ برنامج كرة قدم لنحو 1000 طفل. من خلال بن ماكبرايد، انضم باتريك دويل، أحد أولياء الأمور في الأكاديمية، كعضو في مجلس الإدارة، وهو الآن يدير الحفل في المملكة المتحدة. وأصبحت شركة زوجته إيريكا، 'درينك دراي'، واحدة من أكبر رعاة المؤسسة.

وتقول سارة: "من متطوعة واحدة (آنابيل)، جاءت إلينا شبكة كاملة من المؤيدين - الأمناء، والرعاة، والمتبرعين".

اليوم، نجحت مؤسسة 'سباركل' في تغيير حياة أكثر من 20 ألف طفل في مالاوي، حيث قدمت لهم التعليم والفرص. حصلت إحدى الفتيات، التي شاركت في المشروع منذ أن كانت في الثامنة من عمرها، مؤخراً على منحة دراسية في مدرسة هورايزون الدولية في دبي. وتقول: 'لقد رأينا أطفالاً لم يتمكنوا من المشي، والآن أصبحوا قادرين على ذلك، وأمهات يشكرننا بالدموع لأن أطفالهن أصبح لديهم أمل.'"

تقسم سارة وقتها بين دبي ومالاوي والمشاركات العالمية في المؤتمرات. تقول: "لقد ولدت في المملكة المتحدة، وقلبي ملاوي، وحياتي في دبي".

وقد حصلت على العديد من الجوائز، بما في ذلك اختيارها كواحدة من أفضل سبعة رؤساء تنفيذيين في قطاع الأعمال الخيرية وواحدة من أفضل 30 امرأة مؤثرة في الشرق الأوسط حسب مجلة (إنك آريبيا) INC. Arabia.

تقول سارة: "لقد كان العثور على صوتي في القطاع الثالث بمثابة رحلة سهلة التكيف، وكل خطوة، مهما كانت صعبة، كانت تستحق العناء".

سارة ليست غريبة على الشدائد. انتهت رحلتها الفردية الأولى عبر أفريقيا بتهديدها بالسكين وفقدان جميع أمتعتها أثناء السفر. وفي عام 2017، ارتطم رأسها بالخرسانة ودخلت في غيبوبة لمدة ثلاثة أسابيع، وكادت أن تُعلن وفاتها. وقد عززت هذه التجارب، التي كادت أن تودي بحياتها، شغفها بإحداث تأثير إيجابي ومستدام على العالم."

وتقول: "نهدف إلى توسيع نموذجنا إلى دول أخرى والتأثير على حياة 100 ألف شخص بحلول عام 2030".

تتوج أعمال سارة كل عام بحفل رائع في دبي، وهو حدث حصري يجمع نخبة المدينة لجمع الأموال لصالح مؤسسة سباركل. في العام الماضي، جمعوا أكثر من مليون درهم إماراتي برعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، ومن المتوقع أن يكون الحدث هذا العام أكبر من سابقه.

وتقول بفخر: "تم رعاية الحدث بأكمله، لذا فإن كل درهم يتم جمعه يذهب مباشرة إلى مالاوي. إنها فرصة للناس ليروا كيف يمكنهم إحداث فرق حقيقي".

تقول سارة وهي تتذكر رحلتها: "لقد بدأ الأمر كحلم لفتاة تبلغ من العمر 18 عاماً ثم تحول إلى منظمة عالمية تهدف إلى التأثير على حياة الآلاف من الناس".

بالنسبة لأي شخص يرغب في المشاركة، فإن رسالة سارة واضحة: "هناك دائماً طريقة للمساعدة. سواء كان ذلك بالتبرع أو التطوع أو مجرد نشر الكلمة - كل شيء صغير يحدث فرقاً".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com