يعاني رجال الجيل زد من شعور بالاستياء وضيق الأفق والعزلة
يعاني رجال الجيل زد من شعور بالاستياء وضيق الأفق والعزلة

الجيل زد: التفاوت بين الجنسين وأثره على العلاقات والعمل

نساء الجيل زد: أكثر تعليماً ونفوذاً من الرجال
تاريخ النشر

سيكون الحديث عن الجنس فصلاً مهماً في قصة الجيل زد.

فمن عالم الرومانسية إلى ميدان العمل، تتجلّى الفروقات واضحة. وتخبرنا الشواهد بقصص عن هذه الفروقات، فنرى نساء هذا الجيل يشقن طريقهن في سوق العمل، في زمن يُنادى فيه بالمساواة والعدالة بين الجنسين، رغم ما يشهده الغرب من تراجع في الحقوق. ها هُنّ ذا أفضل تعليماً وأكثر حظاً في الأجور، ويتمتعن بنفوذ وتأثير يفوق نظراءهن من الذكور، ولأول مرة في التاريخ.

وعلى الجانب الآخر، يعاني رجال الجيل زد من شعور بالاستياء وضيق الأفق والعزلة، ويكافحون لإقامة علاقات أعمق من مجرّد علاقات عاطفية، هذا إن حالفهم الحظ في إقامة أيّة علاقة من الأساس. فيخيم عليهم شعور باللامبالاة والغضب تجاه هذا العالم الذي وُلدوا فيه، وتجاه الآفاق المنقسمة بين تكوين أسرة والحصول على وظيفة وشراء منزل خاص.

أنا لست واحداً من هؤلاء الرجال، لكنّي أُقر بأنّني انكببت على الدراسة، منتظراً أن أحقّق نجاحاً مهنياً سريعاً بدلاً من بناء مصداقية مهنية راسخة. ولطالما آمنت - عن قناعة - بأنّ الرومانسية والأبوّة سيأتيان في وقتهما. ولكن، لنقارن هذا بأختي التوأم، التي تكسب ثلاثة أضعاف ما أكسبه، وهي أشهر منّي في مجالها، وإن نظرنا إلى مسارنا المهني فسنجدها سبقتني بخطوات.

ووسط أزمات التغيّر المناخي وكل ما يهدّد كوكبنا، تثير هذه الحقائق - عن تفوق النساء - قلقاً لدى بعض رجال الجيل زد، بل وربَّما الخوف لدى الكثير من الرجال بشكل عام. لكن عند النظر إلى التاريخ، نجد أن موازين القوة لطالما تقلَّبت وتغيَّرت، فإن مالت كفَّتها نحو النساء بدلاً من الرجال، فماذا عسانا نخسر في الحقيقة؟

أم أن الرجال يدركون كيف عاملوا النساء سابقاً، والآن انقلب السحر على الساحر؟

إنني أطرح بعض الأسئلة. إن جزءاً من تحدّيات الجيل زد يكمن في الإنترنت، وفي اندثار ما يسمى "بالفضاءاتِ الثالثة" - أي تلك الأماكن العامة التي كانت تتيح للناس التفاعل وجهاً لوجه - وظهور "الفضاءات الإلكترونية" التي أصبحت أكثر استقطاباً وتفرقة. ولعل أبرز الأمثلة على ذلك هجرة المستخدمين من منصة "إكس" (تويتر سابقاً) إلى بلوسكاي، أو إنشاء تطبيقات مثل تروث سوشيال وتيليجرام، والتي لا تهدف إلى الوصول إلى جماهير جديدة وتكوين صداقات معها فحسب، بل تهدف أيضاً إلى تقسيم الجميع إلى جماعات صغيرة منعزلة، ومواصلة نشر المعلومات التي قد تكون أو لا تكون صحيحة أو ضارة، على الرغم من المحاولات (الضعيفة) للتنظيم وتعديل المحتوى.

عند النظر إلى الجنس من هذا المنظور، ندرك أن الانقسامات بين الجنسين هي التي أجّجت نار السخط، خاصة وأنّ الرجال كان بإمكانهم تحمّل مسؤولية أكبر في المنزل وفي رعاية الأطفال. لقد أحسن جيل الألفية، وكذلك الكثيرون من الجيل إكس (شكراً أمي وأبي) في التكيّف مع هذا التحول. لقد نشأت وشهدت تحوّل الأولاد إلى رجال، جنباً إلى جنب مع تحوّل الفتيات إلى نساء، في المدرسة والرياضة والصداقة وحياتنا الشخصيّة.

وألاحظ تحولاً يتخطّى مجال التواصل الاجتماعي أيضاً.

في طفولتي في العين، كان جميع أصدقائي من الصبية مثلي. ولكن مع تقدّمي في السن، وتنوّع صداقاتي بداية من المرحلة الثانوية، تحولت هذه الصداقات مع اقتراب تخرّجي إلى ما يشبه التنافس الشريف بين الجنسين، إلى جانب التنافس على التفوق الأكاديمي في المواد المتقدمة في حالتي.

لكن استمر التفاوت في التزايد. ففي الجامعة، وخصوصاً في مجال الفنون الحرّة الذي درسته، كان عدد النساء يزداد مع تقدمي في السلم الأكاديمي وفي مجالي العلمي. وبحلول الوقت الذي بدأت فيه برنامج الماجستير، كنت واحداً من خمسة رجال فقط في فصل يضم 25 طالباً، وفي مرحلة التخرج لم يتبق سوى رجلين فقط، أحدهما أنا.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com