برنامج للهروب من العزلة والوحدة
برنامج للهروب من العزلة والوحدة

"الشوط الثاني" يغير حياة كبار السن ويخرجهم من العزلة

"ياش" و"سونام باياني" المقيمان في دبي يعيدان تعريف معنى التقدم في السن بكرامة ويحققان السعادة
تاريخ النشر

ما الذي يجعل الوالدين المسنين سعداء؟ اكتشف "ياش باياني"، المقيم في دبي، ذلك عندما عادت والدته إلى المنزل بعد قضاء بعض الوقت مع صديقتها أثناء التسوق في بر دبي. يقول ياش: "عندما عادت والدتي وصديقتها إلى المنزل، لاحظنا مستوى مختلفاً من السعادة على وجهها، على الرغم من أنهما لم تنفقا درهماً واحداً أثناء التسوق. لقد فهمنا سبب ابتسامتها - الحديث والمشاركة والوقت الجيد مع أشخاص يتشاركون نفس الاهتمامات."

في عالم سريع الخطى، حيث يجد كبار السن أنفسهم غالباً منفصلين عن التفاعلات الاجتماعية، قرر ياش باياني وزوجته سونام إحداث تغيير جذري من خلال مشروعهما الاجتماعي (الشوط الثاني) . يهدف المشروع، الذي يتخذ من دبي مقراً له، إلى تحويل تجربة التقاعد لكبار السن من خلال تعزيز الروابط الاجتماعية، وتشجيع أنماط الحياة النشطة، وخلق مجتمع يشبه المنزل الثاني.

يشعر كبار السن الذين يزورون عائلاتهم في هذا الجزء من العالم بالوحدة، حيث يزعمون أنهم لا يجدون من يتحدثون إليه أو يقضون معه وقتاً طيباً. تقول سونام: "إنهم يعبرون كثيراً عن مشاعر العزلة والانفصال بسبب نقص التواصل والمشاركة الاجتماعية. ويبلغون عن محدودية الفرص المتاحة لهم للتواصل مع الآخرين، حيث يعمل أبناؤهم البالغون بدوام كامل، ولا يتواصل جيرانهم معهم، وغالباً ما يفتقرون إلى الأصدقاء. يؤدي هذا إلى شعورهم بالوحدة وعدم الرضا عن حياتهم اليومية، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى استراتيجيات فعّالة لتعزيز التفاعل الاجتماعي وتحسين نوعية حياتهم."

ياش وسونام بهاياني (جالسين)
ياش وسونام بهاياني (جالسين)

يقر ياش بوجود فجوة بين احتياجات المواطنين المسنين والمساعدة المتاحة في السوق. ويقول: "المشكلة أكبر في البيئات متعددة الثقافات وفي المدن الكبرى، مما يؤدي إلى الاكتئاب، والحنين إلى الوطن، وتقلبات المزاج، وارتفاع ضغط الدم. لقد لاحظنا هذه المشكلة لأول مرة عندما زارنا والدانا في البلاد. وعلى الرغم من اصطحابهما للتنزه كل عطلة نهاية الأسبوع، إلا أنهما كانا يشعران بالوحدة طوال الأسبوع."

ياش، الذي يجلب أكثر من عقد من الخبرة في مجال التمويل للشركات إلى المبادرة، هو محاسب قانوني معتمد من حيث المهنة. كانت براعته المالية وتفانيه مفتاحاً لنجاح الشركة. يقول: "كانت مهمتنا بسيطة: إنشاء مساحة حيث يمكنهم التفاعل والبقاء نشطين والشعور بالارتباط."

لقد ساهم تركيزه على الاستقرار المالي والكفاءة التشغيلية في ضمان بقاء مشروع ’الشوط الثاني’ في متناول عدد متزايد من كبار السن. ويضيف: "تتمثل رؤيتنا في جعل هذا المجتمع في متناول جمهور أكبر. نريد أن يتمكن كبار السن في جميع أنحاء العالم من الوصول إلى مثل هذه البيئات حيث يشعرون بالمشاركة والتقدير."

تتولى سونام منصب الرئيس التنفيذي لمشروع ’الشوط الثاني’، وهي مناصرة متحمسة للتأثير الاجتماعي منذ عام 2010. بفضل خبرتها في إدارة الأعمال والمحاسبة، حولت سونام مسيرتها المهنية نحو إنشاء مؤسسة اجتماعية تركز على تحسين حياة كبار السن. وتقول: "لطالما كنت شغوفة بالرعاية والدعم، ورأيت كيف كان آباؤنا، على الرغم من كل وسائل الراحة الحديثة، يفتقدون شيئاً بسيطاً مثل التواصل الإنساني."

كان هدفها الأساسي هو مكافحة أنماط الحياة المستقرة التي يتبناها كبار السن في كثير من الأحيان. وتوضح قائلة: "لا يأتي أعضاؤنا إلى هنا لممارسة اللياقة البدنية أو ممارسة الألعاب فقط، بل من أجل الاستمتاع بقضاء الوقت مع أفراد ذوي التفكير المماثل. والآن أصبح لديهم سبب للخروج والاستمتاع بيومهم، وهو ما لم يكن متاحاً لهم من قبل."

تحت قيادة سونام، نمت الشوط الثاني من عضوين فقط إلى مجتمع نابض بالحياة يضم 12 عضواً في غضون فترة قصيرة من ثلاثة أشهر. تفتخر سونام بالتنوع داخل المجتمع، حيث يجتمع الأعضاء من الهند وباكستان وكازاخستان تحت سقف واحد. "من المدهش أن نرى كيف أن الحواجز اللغوية لا تهم هنا. يأتي الناس من أجل الشعور بالانتماء، وهذا بالضبط ما نقدمه."

إحداث تأثير اجتماعي

يقع مقر "الشوط الثاني’"في واحة دبي للسيليكون، ويضم أعضاء من مناطق مختلفة من الإمارة. هناك خطط جارية لإنشاء مراكز جديدة في أبوظبي والشارقة خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة. يقدم المركز الحالي مزيجاً فريداً من وسائل الراحة، بما في ذلك جلسات اللياقة البدنية، والألعاب، وشاشة مسرح كبيرة للترفيه، والفواكه الطازجة، والعصائر، وحتى خدمة النقل التي تضمن للأعضاء المسنين التنقل دون أي متاعب. تقول سونام: "لا يقتصر مجتمعنا على اللياقة البدنية فحسب، بل يتعلق أيضاً بالرفاهية العاطفية. نحن نعمل على إنشاء مساحة حيث يمكن لكبار السن الشعور بالتميز، والنشاط، والمشاركة، سواء من خلال الألعاب أو الأنشطة الجماعية أو مجرد قضاء وقت ممتع مع الآخرين."

أعرب أعضاء "الشوط الثاني" عن تقديرهم لتأثير المجتمع على حياتهم. وكما قالت المقيمة في الإمارات العربية المتحدة، نيها موهان: "ذهب والداي إلى "الشوط الثاني" لحضور جلسة صباحية. لقد استمتعوا باليوم تماماً وأشادوا بالمنظمين." وأشارت عضوة أخرى، ريان مالك، إلى أن تلك كانت نقطة تحول بالنسبة لوالدتها مع كل المرح والألعاب. وبالمثل، أجمعت أعضاء مثل علياء زوماييفا وجورلين كور، اللتان زارتا كبار السن في ’الشوط الثاني’، على كيفية تحول مرفق رعاية المسنين هذا إلى منصة رائعة لجعل الحياة أكثر شمولاً من خلال جعلهم متصلين وتفاعليين. من خلال ’الشوط الثاني’، لا يعالج ياش وسونام القضية المتزايدة المتمثلة في عزلة كبار السن فحسب، بل يعيدان أيضاً تعريف ما يعنيه التقدم في السن بكرامة، وهدف، وتواصل.

مع استمرار نمو ’الشوط الثاني’، يلتزم الثنائي بتوسيع نطاق مجتمعهما ودمج التقنيات الجديدة لإثراء تجربة أعضائهما بشكل أكبر. تقول سونام: "نتصور مستقبلاً حيث يمكن لكل شخص مسن أن يكون جزءاً من بيئة صحية ومتصلة اجتماعياً." بفضل شغفهم ورؤيتهم والتزامهم بإحداث فرق، فإن مستقبل ’الشوط الثاني’ مشرق ومؤثر.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com