تكيّف الجيل "زد"مع التغييرات الجيوسياسية والرقمية
ربما يرجع ذلك إلى رحلتي الحالية مع العلاج السلوكي المعرفي أو ربما لأنني أصبحت أكثر ذوقاً وأكثر تحديداً فيما يتعلق بالمحتوى الإعلامي الذي أتلقاه، ولكن لا يسعني إلا أن أشعر بأن هناك الكثير من المعلومات التي لا يمكن الاختيار من بينها. كانت العصور المظلمة وقتاً ضاعت فيه المعلومات في جزء من العالم، بينما ازدهرت أجزاء أخرى كثيرة في زمن مستنير.
ولكن إلى جانب العودة إلى الذوق السليم والدقة في كيفية قضاء وقتنا، توصلت إلى استنتاجٍ مفادُهُ أنه إذا كنتُ أريد أن أجتاز هذه الفترة من التغيير الجيوسياسي الجذري، فلا بُدّ أن أحرص على ترسيخ لحظات من الهدوء والسكينة في روتيني اليومي، فأنا بحاجة إلى الكثير من الصبر والتفكير المستقبلي، والتواصل مع الأصدقاء والعائلة، بعيداً عن الحواجز المستمرة، هناك الكثير من الظلام في العالم، ولكن قد يكون هناك نور في بعض الأماكن.
إنني أشعر بأن هذه الأوقات مهمة أيضاً، وهي سبب إضافي يدفعني إلى بذل قصارى جهدي في مثل هذه الأوقات، عندما تتعرض مهنتي- الصحافة- للتهديد في وطني، وكذلك وطني، من قِبَل المتطرفين السياسيين والمصالح الأجنبية على حد سواء. وفي بذل قصارى جهدي، أستطيع أن آمل في التغلب على الألم والمعاناة والخسارة التي أشعر بها كعربي، وأن أتعامل مع كيفية استخدام مهنتي المختارة لإحداث هذا التغيير في العالم.
لقد نشأت في العين كطفل ينتمي إلى ثقافة ثالثة، وقد نشأت وأنا أتمتع بمنظور أوسع للعالم، وكانت السياسة تبدو وكأنها تكاد تكون منتشرة في حياتي في بعض الأحيان، كان لدينا مدرّسون متدينون محافظون للغة الإنجليزية ومدرسون تقدميون للرياضيات، ومدرسون للفيزياء كانوا يزودوننا بروايات خيالية ومدرسون للتاريخ كانوا يدفعوننا إلى دراسة العلوم.
لا أعلم ما إذا كانت هذه التجربة فريدة من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة أم كانت تجربتي فقط، ولكن عندما يكون هناك هذا النوع من التنوع في الفصل الدراسي، فإن هذا النوع من تبادل الأفكار ينعكس على قيم الطلاب في بناء الإجماع والتكنوقراطية. كانت إحدى الطرق هي سلسلة من الحملات البيئية التي أطلقتها المدرسة عندما كنت في منتصف دراستي الثانوية العامة؛ "فكر عالمياً واعمل محلياً".
وربما كان الأمر يتعلق فقط بدفعتي التي تخرجت، ولكن نظراً للوفرة في الدرجات الجامعية والمهندسين والمحامين والمعلمين والأطباء والمحترفين الماليين في هذا المجال، فأنا أميل إلى الاعتقاد بأن إجبار الطلاب ــ بل الشباب ــ على التفكير والنمو والتغيير دائماً ساعد في منحنا الأدوات اللازمة لإجراء هذا التغيير في حياتنا.
والآن، عندما نتحدث عن الجيل Z، فإن وسائل التواصل الاجتماعي وضعتنا على الطريق نحو امتلاك تلك العقلية العولمية، مع العلم بأننا لا نستطيع التحكم إلا في حياتنا الخاصة.
الآن لست من أنصار الفردية، ولكنني بعيد كل البعد عن ذلك، فنحن بحاجة إلى بناء مجتمع، ولابد أن يكون بعض من هذه الجزر التي تنعمون فيها بالسلام هي جزر أصدقاءكم وعائلاتكم. إن عبارة "الأمر يتطلب تعاون الجميع" هي العبارة الشائعة في عصرنا هذا، ولا يمكنك أن تتوقع التمكن من تجاوز مثل هذه الأوقات العصيبة، حيث تتدفق المعلومات إليك أينما كنت، ومهما كانت ظروفك، بمفردك.
لذا إذا كنا في عصرٍ رقميٍّ مشرق، ونتحرك باستمرار نحو كمية من المعلومات المفرطة، ونتساءل بشكل متزايد عما هو حقيقي وما هو مزيّف، فإننا مدينون لأنفسنا، في بعض الأحيان، بأن نفعل أكثر من مجرد الانفصال؛ نحن مدينون لأنفسنا بالانسحاب.
إنّ الانفصال لا يعني الاستسلام أو التوقف، ولكنه يعني إعادة التزود بالطاقة، يمكنك قضاء أكثر من 45 دقيقة مع معالجك أو ساعة في وقت الغداء كل يوم، ولكن يجب أن يكون لديك اتصال حميمي ثابت على مستويات مختلفة، حتى تتمكن من الاستمرار في التواصل مع الناس وإيجاد أضواء فردية لتغذيتها والاعتماد عليها بين الأضواء الساطعة الساحقة.