فيرونيكا بيريزينا
فيرونيكا بيريزينا

دبي: "كريستيان بيسك" تثير الحواس في معرض"الحمى"

ولدت فيرونيكا بيريزينا في سانت بطرسبرغ، وأنشأت مشروع "نيكا" في دبي وأصبح للمعرض الآن فرع جديد في باريس.
تاريخ النشر

نشأ العديد من الفنانين المعاصرين في عصر المخاوف البيئية، خاصة في وقت ساعد فيه الإنترنت على خلق اهتمام عام واسع بتغير المناخ والعمل المناخي. وقد أخذ هؤلاء الفنانون على عاتقهم مواجهة تحديات هذه اللحظة الحساسة.

لا عجب أن يشعر المرء بتأثير الأزمة الكوكبية الوشيكة أثناء زيارة المعرض متعدد الحواس للفنانة "كريستيان بيسك" الذي ملأ حالياً معرض "نيكا بروجيكت سبيس" المكون من طابقين في القوز (المعرض مفتوح حتى 11 يناير 2025). في ما تصفه المعرض بأنه "استحواذ شامل على نطاق واسع" لمساحته، فإن عمل بيسك الذي يحمل عنوان "الحمى" (Fever) هو أول جهد فردي لها في الإمارات، حيث يمزج بين الصوت، والرائحة، والحرارة، والنحت الزجاجي، وصور مستوحاة من الذكاء الاصطناعي، وصور بصرية أخرى لاستكشاف المفهوم المتشابك لأحلام الحمى الجغرافية والجسدية.

تقول بيسك: "يبدو أن تصميم معرض حول "الحمى" — ارتفاع حرارة الجسم والكوكب — أمر عاجل بشكل خاص في منطقة تواجه فيها درجات الحرارة القسوى. إن النظر إلى هذا من منظور الجنوب العالمي يضيف طبقة انتقادية إلى رؤيتي للعالم. أريد للزوار أن يشعروا بعمق هذه الرؤى، المستمدة من ثقافة المنطقة، وأزمة المناخ، والعوالم الرقمية، والعقلية المتوجهة نحو المستقبل."

تعيش بيسك في فييّنا وقد عملت في صحراء ليوا بأبوظبي لهذا المشروع، بناءً على أبحاثها السابقة حول الصحاري والأساطير وثقافات الشفاء والرعاية. وتخبر ويكند wknd: "لقد كانت تجربة العمل في الإمارات تجربة محورية. البيئة، التي تختلف تماماً عما عرفته، تشعرك بأنها مجابهة وساحرة في الوقت نفسه. هنا، استمديت من بئر الحكمة الثقافية والمرونة التي دفعتني لإنشاء هذا العمل الجديد."

من خلال أحدث أعمالها، تستكشف الفنانة أيضاً الجانب العملي والروحاني للمناظر الصحراوية وآدابها اللامحدودة، بالإضافة إلى التناقضات الثقافية. يعتمد أحد أعمالها على الأساطير المحلية حول الثعابين الصحراوية وقصة أوروبرس، الثعبان في الأساطير اليونانية الذي يمثل أكل ذيله كاستعارة للدورة الأبدية للحياة والموت والولادة من جديد. في "الحمى"، يرمز هذا الفعل إلى سميّة البيئة اليوم.

وتقول "فيرونيكا بيريزينا"، مؤسسة مشروع نيكا، إنها أطلقت المعرض في دبي العام الماضي بهدف توفير منصة للحوار النقدي حول القضايا المعاصرة وتعزيز الشعور بالاستفسار الفلسفي والتجريب الفني، كل ذلك من خلال عدسة الفنانين الشباب الديناميكيين مثل بيشيك من جميع أنحاء العالم.

وتضيف بيريزينا، التي تلقت تدريباً رسمياً كمحامية، إنها تريد دعم البحث والتجريب بشكل نشط في دورها الجديد كصاحبة معرض. على سبيل المثال، كانت بيسيك الفنانة الثالثة التي تمت دعوتها للمشاركة في برنامج أبحاث مشروع نيكا.

كريستيان بيشيك
كريستيان بيشيك

في وقت سابق، في معرض "نيكا بروجيكت سبيس"، قامت الفنانة "نيكا نيلوفا" المقيمة في لندن بالتحقيق في الحياة البحرية القديمة التي كانت تسكن حديقة بوحيس الجيولوجية وموقع جبل بوحيس الأثري في سهل المدام (الشارقة، الإمارات العربية المتحدة). كما أجرت الفنانة كاتيا موراتسيفا مقابلات مع نساء مهاجرات في دبي، حيث شكلت قصصهن الشخصية العميقة أساس عرضها الفردي في المعرض.

الشبح لكريستيان بيشيك
الشبح لكريستيان بيشيك

تشرح بيريزينا."أرى أن دور نيكا هو توسيع آفاق المرء للعالم وتشجيع التعاطف من خلال الفن. مع وضع هذا في الاعتبار، يدعو برنامج الإقامة لدينا، الذي تم إطلاقه مع افتتاح المعرض في عام 2023، الفنانين للمشاركة في رحلات بحثية في المنطقة لاكتشاف الفروق الدقيقة في المجتمعات المحلية والحياة اليومية،" تقول بيريزينا لـ ويكند. وهي تعترف بأن المشهد الفني النابض بالحياة في دبي ألهمها للعمل بشكل أوثق مع أمناء المتاحف المحليين والممارسين الثقافيين والفنانين، وإقامة روابط أعمق مع السياق الإقليمي وتعزيز تبادل الأفكار والمحادثات بين الثقافات. "نحن نعمل الآن مع الفنانة الإماراتية فاطمة العلي. لقد عرضنا أعمالها في باريس في معرض مينارت في سبتمبر 2023، وشاركت في عرض ثنائي بعنوان (هياكل مؤقتة)، حيث تم تقديم عملها الجديد الذي كلفت به مشروع نيكا سبيس إلى جانب فن نيكا نيلوفا.

أحد الأهداف الرئيسية لمعرض "نيكا بروجيكت سبيس" هو دعم الأصوات النسوية، ومن أجل تكريم هذه المهمة، تعاون المعرض بالفعل مع عدد من الفنانات على مدار العام الماضي، بما في ذلك داليا خليف، وسارة نيروباخش، وليليا زيامو، وكاتيا موراتسيفا، ومونة عيّاش، وبيسخ، وأحدثهن ميرنا بامية . توضح بيريزينا: "أشعر أن هناك حاجة لأن تحصل الفنانات على تمثيل أكثر للمعارض وتوفير المزيد من الفرص لعرض أعمالهن. على الرغم من أن الموهبة ليست مرتبطة بالجنس، إلا أن هناك عدم توازن في تمثيل الذكور والإناث منذ بعض الوقت."

كريستيان بيشيك في فيلم "المكفوفين".
كريستيان بيشيك في فيلم "المكفوفين".

لا يزال معرض "نيكا بروجيكت سبيس" في دبي في عامه الأول، وقد وسعت مؤخراً نطاقها في السوق الأوروبية من خلال افتتاح فرع في باريس. يمثل هذا الفصل الجديد "خطوة مهمة" لمؤسستها. تقول بيريزينا: "يتوافق "باريس سبيس" مع التزامنا المستمر بإبراز أعمال ومفاهيم الفنانين والقيمين من مناطق العالم التي عادة ما يتم تجاهلها على الصعيد الدولي، وإنشاء جسر بين برامج باريس ودبي، مما يسهل التبادلات والحوار الغني، ويساعد على تعزيز ممارسات الفنانين الذين نتواصل معهم وتوفير الفرص لكي تُسمع أصواتهم."

وُلدت بيريزينا في سانت بطرسبرغ وبدأت كجامعة تحف قبل أن تنتقل إلى دبي في عام 2022 لمتابعة هدفها في بناء مسيرة مهنية كاملة في عالم الفن.

افتتح معرض "نيكا بروجيكت سبيس" في باريس، الواقع في حي كومونما الفني، أبوابه لمحبي الفن الشهر الماضي من خلال معرض يضم أعمال الفنانة الفلسطينية ميرنا بامية. من خلال استخدام مخزن مجهز جيداً ومكونات مخمرة، تعكس أعمال بامية المستمرة بعنوان "أشياء حامضة" (Sour Things) تجربة التهجير وجذور التجربة الفلسطينية. تقول بامية: "تتناول هذه الأعمال الحزن والألم ومعالجة ما لا يمكن التحكم فيه. إنها تدعو للتفكير وخلق مساحات تعاطفية. لقد كانت سلسلة 'الأشياء الحامضة' دائماً تتعلق بمعالجة مواضيع كبيرة دون تقديم إجابات، وتوفر مساحات داخلية ونفسية من التعاطف."

أسست بامية أيضاً جمعية فلسطين لاستضافة المجتمعات، وهو مشروع فن حي ومنصة للتفاعل أسستها في عام 2018 لجمع الوصفات الفلسطينية التي على وشك الانقراض. تم عرض نسخة أخرى من "الأشياء الحامضة" — بعنوان "أشياء حامضة: المطبخ" — سابقاً في مساحة مشروع نيكا، قبل العرض في باريس.

بالنسبة لبيريزينا، بينما يمثل معرض "باريس سبيس" إمكانيات لا حصر لها، ستظل دبي دائماً مكان الفرص و المحادثات الجديدة وكونها مسقط رأس معرض "نيكا بروجيكت سبيس". تقول: "أجد دبي مدينة مثيرة للاهتمام تقع عند تقاطع ثقافات مختلفة، وتتمتع بفتح الذهن تجاه المفاهيم والأشخاص والمشاريع الجديدة. أنا معجبة بطابعها العالمي."

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com