ضحكات وفرحة الأطفال ذوي الهمم تملأ حديقة دبي بمبادرة "إميلي راي"
في حديقة هادئة تقع على مشارف مدينة دبي الحضرية، تتردد ضحكات الأطفال بينما يحتضن أصحاب الهمم كلاب جولدن ريتريفر المرحة، ويقفون لالتقاط الصور، وتغمرهم لحظات من الفرح الخالص. ينظر الآباء إليهم، وجوههم تعكس مزيجاً من الارتياح والبهجة. هذه ليست مجرد نزهة عائلية أخرى - بل هي جزء من المشروع المستقبلي لإميلي راي، "ابتسم مع سام"، حيث تلتقي الحيوانات والتصوير الفوتوغرافي لتقديم تجربة تحولية للأطفال ذوي الإعاقة وأسرهم.
بدأت "إميلي"، وهي مهاجرة بريطانية ومعلمة ومدافعة عن حقوق الإنسان، مبادرة التصوير الفوتوغرافي في أوائل عام 2024. ما الذي ألهمها لبدء هذا المشروع؟ كانت البداية عندما تم تشخيص ابنها سام، البالغ من العمر تسع سنوات، بمتلازمة أنجلمان (AS) في عام 2017. الرابطة العلاجية التي نشأت بين سام وكلبتهم المتبناة من نوع جولدن ريتريفر، براوني، جعلت إميلي تدرك القوة الفريدة والمهدئة التي يمكن أن توفرها الحيوانات. حلمت إميلي بتوفير الفرصة للعائلات الأخرى لتجربة هذا الارتباط الخاص بأنفسهم.
تتذكر إميلي: "لاحظت كيف جلبت براوني لسام الكثير من الفرح والهدوء. أردت أن أخلق مكاناً يمكن للعائلات الأخرى التي لديها أطفال ذوي احتياجات خاصة أن تشعر فيه بنفس الشعور - مكان آمن حيث يمكنهم لقاء الحيوانات اللطيفة والاسترخاء".
روابط ذات معنى
من فبراير وحتى الربيع، نظمت إميلي لقاءات خارجية للمشروع، الذي أصبح الآن مبادرة مستمرة. نمت التجمعات لتشمل لقاءات مع الخيول في نادي باراجون للفروسية، حيث استمتع أعضاء الفريق بتجربة هادئة للتفاعل مع الخيول. تم تصميم كل جلسة بعناية لتعزيز الشعور بالانتماء والفرح والراحة للأسر التي تواجه تحديات تربية الأطفال ذوي الإعاقة. تقول إميلي: "نحن ممتنون جداً لماجد القاضي، مالك نادي الفروسية، لاستضافتنا وضمانه أن يشعر الجميع بالراحة مع الخيول".
وتقول إميلي إن أحد أكثر الجوانب المجزية في المشروع هو رؤية المشاركين يتغلبون على مخاوفهم أو يجربون شيئاً جديداً لأول مرة. "من المدهش أن نشهد لحظات مثل جون (الذي يعاني من الشلل الدماغي) وهو يلمس حصاناً لأول مرة، أو أطفال آخرين يلعبون مع كلب بحماس. تساعد هذه التجارب في بناء الثقة وخلق ذكريات دائمة".
كانت نتائج برنامج "ابتسم مع سام" أكثر من رائعة. فقد ارتسمت السعادة على وجه كيران، وهو شاب بالغ مصاب بمتلازمة داون، خلال جلسة حديثة. وقال وهو يبتسم من الأذن إلى الأذن: "لقد جعلتني أشعر بالراحة". ويردد الآباء هذه المشاعر، وغالباً ما يتأثرون بالإيجابيات التي يشعر بها أطفالهم. قالت زهرة، وهي أم لطفلين من ذوي الاحتياجات الخاصة: "إنها هدية أن أرى أطفالي يضحكون ويتواصلون بهذه الطريقة".
الوصول إلى النجوم
حتى المتطوعون وجدوا المشروع مجزياً للغاية. قالت آمنة يوسف، وهي امرأة مصابة بالتوحد، والتي أحضرت كلبتها الذهبية لوسي إلى الحدث: "هناك شيء مميز في الحب غير المشروط الذي تقدمه الكلاب. من المدهش أن نرى كم من السعادة تجلبها للأطفال - ولنا جميعاً".
تخطط إميلي لتوسيع المبادرة هذا الشتاء، مستفيدة من إبداعها لابتكار أفكار جديدة. من بين الاحتمالات المثيرة، تنظيم جلسة تصوير في الصحراء تحت موضوع "حرب النجوم"، بمشاركة عائلات من منطقة المحيط الهادئ. كانت جلسة التصوير السابقة لحرب النجوم قد شملت سام فقط، لكن إميلي تأمل أن تجعل الجلسة التالية تجربة جماعية مليئة بالفرح والمغامرة.
إلى جانب تنظيم هذه الجلسات، تستخدم إميلي، وهي مصورة موهوبة، كاميرتها لالتقاط اللحظات المؤثرة وخلق ذكريات دائمة للعائلات. وتوضح إميلي: "المهم هو إظهار بريق عيونهم للعالم. أريد أن أظهر جوهر هؤلاء الأطفال الحقيقي، بعيداً عن ظروفهم".
كما أن ابنة إميلي، مايا، البالغة من العمر 10 سنوات، تعد جزءاً مهماً من هذه الجلسات. فهي تساعد في توجيه أفراد الفريق وأشقائهم حول كيفية التعامل مع الحيوانات. تقول إميلي: "غالباً ما تمسك مايا بالكلاب في مكانها حتى يتمكن باقي أفراد الفريق من مداعبتها".
وفي نادي باراجون للفروسية، لاحظ محمد، مدير الإسطبل، القوة العلاجية لهذه التفاعلات. وقال: "الخيول والطبيعة تمتلك قدرة فريدة على رفع المعنويات. كان شرفاً لنا أن نستضيف عائلات الأشخاص ذوي الإعاقة، فقد غذّت هذه اللحظات أرواحهم وجلبت لهم السكينة".
وتخلد الصور، التي وصفتها إحدى الأمهات، بينيديتا باسيرو، بأنها "فوق العاديّة"، فرحة كل طفل وقدرته على المرونة وجماله. وتضيف بينيديتا: "إميلي لا تلتقط الصور فقط، بل تلتقط نورهم، وتمنحنا شيئاً نعتز به إلى الأبد".
بدأت جهود إميلي في الدفاع عن الأفراد المصابين بمتلازمة أنجلمان على المستوى العالمي عندما أضاء برج خليفة باللون الأزرق في 15 فبراير 2020 للاحتفال باليوم العالمي لمتلازمة أنجلمان. كانت هذه اللحظة مؤثرة للغاية، حيث لاقت صدى عميقاً لدى أسر أصحاب الهمم في الإمارات العربية المتحدة.
تبع هذا الإنجاز فيلم وثائقي حائز على جائزة بعنوان "خلف الابتسامات"، الذي وثق رحلة عائلتها والتحديات التي واجهتها في زيادة الوعي بمتلازمة أسبرجر. فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم وثائقي في (مهرجان بلاك شيب السينمائي في معهد أس أيه أي) في عام 2021، مما عزز دور إميلي كصوت قوي للدعوة إلى الإدماج.
لا يخلو شغف إميلي بالتنوع من التحديات. فسهولة الوصول تشكل عقبة شائعة، خاصة عندما تتسم المواقع الخارجية بالعشب غير المستوي أو الرمال أو الحواجز الأخرى.
بالإضافة إلى ذلك، بعض المساحات الداخلية ليست مصممة بشكل مناسب للأشخاص مثل سام، الذي يحب استكشاف كل شيء. على سبيل المثال، لم يكن المقهى الذي انتهت فيه رحلة دراجته النارية مؤخراً مكاناً مثالياً لروح المغامرة التي يمتلكها سام. ومع ذلك، سارعت إميلي بالإشارة إلى أن معظم الأشخاص الذين تقابلهم ودودون ومستعدون دائماً للمساعدة أو توفير أماكن مريحة للأفراد المشاركين في مشروعها.
لقد حولت جهودها رحلتها الشخصية إلى حركة تهدف إلى تعزيز مكانة مجتمع بأكمله. تقول: "الموضوع يتعلق بالارتباط بين الحيوانات والطبيعة والبشر. ويتعلق أيضاً بالاحتفال بأبسط وأعمق أفراح الحياة".
بالنسبة لإميلي وسام، لا تقتصر هذه الرحلة على الدفاع عن حقوق الآخرين فحسب، بل تهدف أيضاً إلى الاحتفال بجمال الحياة وضمان ألا يشعر أي شخص بالوحدة. تقول إميلي: "كل ابتسامة، وكل اتصال، وكل لحظة من الإثارة، كل ذلك يستحق العناء".