محمد سمارة وخالد الشاعر
محمد سمارة وخالد الشاعر

مصممون عرب يحولون الحجارة المهملة إلى قطع فنية

محمد سمارة وخالد الشاعر يقودون حملة أوسع نطاقاً للحرف اليدوية الصديقة للبيئة في أسبوع دبي للتصميم هذا العام
تاريخ النشر

يعود مهرجان التصميم الرائد في الإمارات إلى المدينة، ليجذب عشاق التصميم إلى النسخة العاشرة من أسبوع دبي للتصميم. ويضم البرنامج، الذي يمتد لستة أيام حتى العاشر من نوفمبر، مجموعة مميزة تضم أكثر من 500 مصمم من أكثر من 40 دولة، يجتمعون لتقديم عرض ضخم في معرض التصميم، مما يعكس التنوع والإبداع في عالم التصميم.

وفي خضم هذا العرض النابض بالحياة، يقف اثنان من الحرفيين العرب في طليعة جهود الاستدامة في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث يعززان التزامهما بالاستدامة من خلال فلسفة التصميم الصديقة للبيئة.

يعتزم محمد سمارة وخالد الشاعر تعزيز جهود التصميم المستدام، مع التركيز على القوة التحويلية للمواد المعاد تدويرها. ويجسد مشروعهما الأخير، "مجموعة سند"، هذه الفلسفة من خلال تحويل الحجارة المهملة إلى طاولات قهوة أنيقة تمزج بسلاسة بين الوظيفة والاستدامة، لتقدم نموذجاً عملياً يعيد التفكير في استخدام الموارد المهملة بطريقة مبتكرة وجذابة.

من خلال هذا العمل، يسلط الثنائي المعماري والمصمم الضوء على إمكانات المواد المهملة، موضحين أن الفخامة والرقي والمسؤولية يمكن أن تتعايش بتناغم في عالم التصميم.

نداء للعمل من أجل مستقبل مستدام

بالنسبة لسمارة والشاعر، ينبع الالتزام بالتصميم الصديق للبيئة من الشعور بالمسؤولية تجاه خلق عالم أكثر استدامة للأجيال الحالية والمستقبلية. يقول سمارة، المهندس المعماري الفلسطيني الأردني: "كان إحداث التغيير دائماً هو القوة الدافعة وراء عملنا. نسعى جاهدين لدمج الاستدامة في كل جانب من جوانب تصميمنا، ليصبح التصميم وسيلة لتحقيق تأثير إيجابي طويل الأمد".

ويشير الثنائي إلى أن السياق التاريخي للتصميم في الإمارات العربية المتحدة كان يميل دائماً نحو الاستدامة، مع التركيز على الأشياء المصنوعة بعناية وبطريقة تجعلها خالدة. ويوضح الشاعر، المصمم الإماراتي اللبناني: "ومع ذلك، أدت الاتجاهات المتزايدة نحو الاستهلاك السريع إلى تراجع تقدير القيمة وطول العمر في التصميم، مما يجعل من الضروري الآن تعزيز الاستدامة في هذا المجال. نحن بحاجة إلى إعادة صياغة طريقة تفكير الناس حول التصميم ليروا في القطع الفنية استثماراً يدوم ويترك أثراً إيجابياً".

وأضاف: "نرى خطوات إيجابية يتم تحقيقها في دولة الإمارات العربية المتحدة. ونأمل أن يستمر هذا الاتجاه في الانتشار عبر مختلف الصناعات لتبني الممارسات المستدامة من أجل مستقبل أفضل للجميع".

الممارسات المستدامة القائمة على البحث

وباعتباره مهندساً معمارياً يركز على الأبحاث، فقد كان سمارة يستكشف المواد المحلية والمستدامة التي لديها القدرة على تقليل البصمة الكربونية بشكل كبير. ويضيف: "من خلال بحثنا الميداني المكثف، اكتشفنا أن المناظر الطبيعية في دولة الإمارات العربية المتحدة تؤمن وفرة من المواد المحلية".

يؤكد الثنائي أن مجموعة "سند" تجسد هذه الفلسفة من خلال إحياء المواد المهملة وإعادة تصورها. فبدلاً من مجرد دعم الاستدامة، تبرز المجموعة الفن الكامن في إعادة استخدام المواد التي قد تُهمل عادةً. يقول سمارة: "لقد وجدنا إمكانات هائلة وغير مستغلة إلى حد كبير في إعادة توظيف المواد التي غالباً ما تُهدر في عمليات الإنتاج السريعة بالمنطقة. هذه المجموعة تُظهر كيف يمكن للأشياء التي تبدو غير مهمة أن تتحول إلى قطع تحمل الجمال والقيمة".

فن إعادة التدوير

تتميز مجموعة "سند" بطاولات جلوس فريدة مصنوعة من حجر الترافرتين المقطوع، حيث تعيد تعريف النفايات وتحويلها إلى قطع تصميمية عملية. ويوضح الشاعر: "تكرم المجموعة جمال حجر الترافرتين المقطوع، من خلال عرضه على شكل لوح يبدو عديم الوزن في التصميم النهائي. إنها محاولة لإعادة إبراز خصائص الحجر الطبيعي وجعله يبدو وكأنه معلق بخفة، رغم صلابته".

مجموعة سند: طاولة قهوة
مجموعة سند: طاولة قهوة

وبفضل برنامج التصميم تنوين، قاموا بفرز وتصنيف الرخام المقطوع بعناية، مما يضمن استخدام أعلى جودة من الترافرتين المعاد تدويره. ويضيف سمارة: "تستخدم عملية التصنيع تقنيات معيارية تهدف إلى تقليل النفايات الثانوية الإضافية"، مما يعزز التزامهم بمبادئ الاستدامة في كل خطوة من خطوات الإنتاج.

ويقول الشاعر: "يتناقض هذا النهج مع التوقعات التقليدية لكيفية دعم الحجر، مما يدعو المستخدمين إلى التفاعل مع قطعة التصميم بطريقة مرحة".

برنامج تنوين للتصميم 2025

احتّل برنامج التصميم "تنوين" التابع لمركز "تشكيل" مركز الصدارة في معرض هذا العام، حيث عرض ست قطع أثاث وإضاءة مبتكرة ومستدامة من صنع المشاركين.

وتؤكد التصاميم الجديدة على الاستدامة، مستلهمةً من ثقافة دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة. على سبيل المثال، تذكّر طاولة الكونسول BO NAJ-MA، المصممة من قبل ماجد البستكي، بأبواب الفولاذ التي كانت سائدة في الإمارات في ثمانينيات القرن العشرين. بينما تتميز طاولة "تالييد" Taleed بأوراق النخيل المصبوغة بأسلوب ترصيع مستوحى من البرقع التقليدي، مما يضفي لمسة فريدة ومبتكرة على التصاميم.

طاولة الكونسول BO NAJ-MA
طاولة الكونسول BO NAJ-MA

تم إطلاق برنامج تنوين للتصميم لعام 2025 في سبتمبر بهدف رعاية ودعم الجيل القادم من المصممين، وهو الآن مفتوح لتقديم الطلبات من المهندسين والمصممين الطموحين في جميع أنحاء دولة الإمارات العربية المتحدة حتى 17 نوفمبر.

سيخضع المتقدمون الناجحون لعملية إرشادية تتضمن البحث والتجريب المادي، مما يؤدي إلى تصميمات إبداعية وعملية مستوحاة من دولة الإمارات العربية المتحدة ومصنوعة داخلها.

خلق حوار في أسبوع دبي للتصميم

في أسبوع دبي للتصميم، يمكن للزوار أن يتوقعوا تجربة محادثة مقنعة حول إعادة التدوير والقوة التحويلية للمواد المهملة. يقول الشاعر: "نشجع الزوار على المشاركة في الحوار حول كيف يمكن للعمليات المستدامة أن تؤدي إلى قطع تصميم ذات صلة إقليمية ومرغوبة وخالدة". هذه النقاشات تهدف إلى تحفيز التفكير حول كيفية دمج الاستدامة في جميع جوانب التصميم، مما يسهم في خلق مستقبل أكثر وعياً وابتكاراً في عالم التصميم.

إن أحد المبادئ الأساسية لفلسفة التصميم الخاصة بهم هو إيجاد الانسجام بين الوظيفة والجماليات مع إعطاء الأولوية للتصميم الصديق للبيئة. ويقول سمارة: "عندما يتم فهم سياق البيئة والمستخدم النهائي بشكل صحيح، يأتي التوازن بشكل طبيعي".

من خلال عرض جمال وإمكانات المواد المهملة، يدعو الثنائي الزوار إلى إعادة تصور ما هو ممكن عندما يلتقي الإبداع بالاستدامة، مما يثبت أن التصميم يمكن أن يكون جميلاً ومفيداً للكوكب. ويضيف: "نأمل أن يجد الناس الإلهام في عمليات البحث والتصميم لدينا، مما يؤدي إلى تصميمات مؤثرة تعطي الأولوية للمستخدم والكوكب." تعكس هذه الرسالة التزامهما العميق بتعزيز الاستدامة في تصميم المنتجات، مما يشجع الآخرين على التفكير في كيفية استخدام الموارد بشكل أكثر فعالية وإبداع.

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com