"الجليلة"تجمع التبرعات لأبحاث السرطان بإلهام من بطل كندي
في عام 1980، شهد "تريسي رينولدز"، القنصل العام لكندا في الإمارات العربية المتحدة، وهو لم يتجاوز العاشرة من عمره، انطلاق ماراثون الأمل المذهل الذي خاضه "تيري فوكس"، الرياضي الكندي، بساقه الاصطناعية، قاطعاً مسافات شاسعة عبر كندا لجمع التبرعات ودعم أبحاث السرطان.
وكان فوكس، الذي لم يتجاوز التاسعة عشرة من عمره آنذاك، عداءً متميزاً ولاعب كرة سلة قبل أن يُجبر على بتر ساقه اليمنى جراء إصابته بالسرطان عام 1977.
ولكن بدلاً من أن يُثبط عزيمته، منح السرطان "فوكس" هدفاً جديداً في الحياة، وهو تكريس نفسه لفعل يتطلب قدرة بدنية وعقلية هائلة.
وقد قطع "فوكس" نصف البلاد، جرياً لمسافة 42 كيلومتراً يومياً، قبل أن يضطر للتوقف عن ماراثون الأمل.
لكن القدر لم يمهله طويلاً، فعاد السرطان ليخطفه عام 1981، بعد أن نجح هذا الشاب الشجاع في جمع ملايين الدولارات لمحاربة هذا المرض القاتل.
وكرمت الحكومة الكندية يوم الأربعاء البطل القومي "فوكس"، بإعلان وضع صورته على ورقة الخمسة دولارات الكندية الجديدة.
وفي دبي، تضافرت جهود مؤسسة الجليلة، التي تُكرس عملها لتحسين حياة الناس عبر مجالات العلاج الطبي والتعليم والبحث، مع مؤسسة تيري فوكس لتنظيم فعاليات خيرية خلال أسبوع كندا 2025 (4-9 مارس)، تضم سلسلة من مباريات هوكي الجليد بمشاركة لاعبين دوليين سابقين، إلى جانب بطولة جولف، بهدف جمع التبرعات لدعم أبحاث السرطان.
وأعرب القنصل الكندي "رينولدز" عن فخره بالمشاركة في هذه المبادرة المستوحاة من شجاعة مواطنه الأسطوري.
وقال "رينولدز" لصحيفة "خليج تايمز" خلال فعالية في دبي: "ما زلت أتذكر شعره المجعد، كان شاباً في مقتبل العمر، لم يتجاوز الثانية والعشرين ربيعاً حين رحل عنا، لكن تأثيره على العالم فاق تأثير العديد من زعماء العالم".
وأضاف: "أيمكنك تصديق ذلك؟ عام 1980، قرر ذلك الشاب أن يجوب البلاد جرياً، ليجمع الأموال ويُجنّب الآخرين معاناة عايشها."
هدف مشترك
ويؤكد "رينولدز" على الترابط القوي بين كندا والإمارات العربية المتحدة، والتقائهما عند الرغبة العميقة في خدمة الإنسانية.
وقال: "إن وجود شريك كـ "مؤسسة الجليلة" لهذه المبادرة أمر في غاية الأهمية، فهدفنا واحد، وهو إيجاد علاج ناجع للسرطان، وجمع التبرعات لمواصلة البحوث في هذا المرض الذي يُؤثر على الكثيرين من أفراد المجتمع ومختلف العائلات."
وأضاف: "نحن من الجيل الذي عايش رحلة "تيري فوكس" عبر كندا، رحلة أثّرت في قلوب الجميع، وهزّت مشاعرهم، شاب يُلهم العالم بجريه عبر رحاب كندا، ليجمع الأموال لأبحاث السرطان."
وتابع: "كلّ كندي عايش تلك الفترة يتذكر أين كان لحظة إعلان توقف "فوكس" عن الجري، لقد كان مشهد نقله على نقالة إلى سيارة الإسعاف صادماً للجميع، فقد كنا نُمني النفس بنهاية سعيدة لرحلته."
وأردف قائلاً: "ولكنها في النهاية نهاية سعيدة، فها نحن بعد كلّ هذه السنوات نتحدّث عن ذلك الرجل المُلهم، وعن مئات الملايين من الدولارات التي جُمِعَت حول العالم باسمه لأبحاث السرطان."
قد يكون السرطان قد حال بين فوكس وإتمام ماراثونه، لكنّ "ديفيد باريت"، رئيس لجنة أسبوع كندا، يؤكد على استمرار إرثه.
وقال: "إنّ قصة فوكس تُلهم الجميع حول العالم، ونحن سعداء بإطلاق هذه المبادرة، وسيتم تخصيص جميع التبرعات التي سيتم جمعها من خلال هذا الحدث لدعم أبحاث السرطان في الإمارات العربية المتحدة".
وققد اتفق الدكتور عامر الزرعوني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة الجليلة، مع "باريت".
وقال الزرعوني: "تُجسّد قصة "تيري فوكس" معاني الصمود والعزيمة والإنسانية، لقد انطلق في رحلته ليُحدث فرقاً في مكافحة السرطان، مُلهماً الملايين حول العالم من خلال "ماراثون الأمل". ويبقى إرثه خالداً كنبراس للشجاعة والعطاء، مؤكداً أنّ حلم فرد واحد قادر على توحيد البشرية من أجل قضية مشتركة."
وأضاف: "تحمل شراكتنا مع مؤسسة "تيري فوكس" أهمية خاصة بالنسبة لمؤسسة الجليلة، ويتيح لنا التعاون مع أسبوع كندا 2025 في دبي توحيد جهودنا لدعم أبحاث السرطان المُتطورة، مع تعزيز المشاركة المجتمعية، وبثّ الأمل في نفوس مرضى السرطان وعائلاتهم. وتُجسّد هذه الشراكة رؤية مشتركة لتكريم إرث "تيري فوكس"، وخطو خطوات ثابتة نحو مستقبل خالٍ من السرطان."
متطوعون مشاهير
وسوف يصل عدد كبير من المشاهير إلى دبي للمشاركة بدور إيجابي في هذه المبادرة الرائعة.
وقال "بيتر شيريميتا"، مدير السباق الدولي بمؤسسة "تيري فوكس": "كانت دبي في الماضي تستضيف أحد أكبر سباقات تيري فوكس في العالم، حيث كان يشارك فيه نحو 10 آلاف شخص".
وتابع: "لكن هذا الحدث ليس سباق "تيري فوكس" التقليدي، إنّه سلسلة من الفعاليات المتنوعة، مثل مباريات الهوكي التي سيشارك فيها نجوم الهوكي المتقاعدين، إلى جانب بعض المشاهير والرياضيين الذين سيأتون خصيصاً من كندا."
وأضاف: "ومن الجدير بالذكر أيضاً أن اللاعبين والشخصيات البارزة الذين سيُشاركون في هذا الحدث لن يتقاضوا أجراً، بل سيتطوعون بجهودهم ومشاركتهم دون مقابل، كما أن رحلاتهم من كندا قد تمّ التبرع بها، حيث قدّمت شركة طيران كندا العديد من الرحلات الجوية دون مقابل. وهذا يعني أننا لم نُنفق الكثير من الأموال لتنظيم هذا الحدث، وبالتالي فإن الغالبية العظمى من التبرعات ستُخصّص لأبحاث السرطان، وهو أمر نفخر به جميعاً."
وسيقام أسبوع كندا بعد أسبوعين فقط من بطولة هوكي الجليد الدولية رفيعة المستوى.
وأضاف "شيريميتا": "في فبراير، ستُقام بطولة هوكي الجليد الكبرى، والتي تُعرف بـ "كأس هوكي الجليد"، وستجمع بين كندا والولايات المتحدة وفنلندا والسويد. وتضم هذه البطولة أفضل اللاعبين في العالم، وتُشبه كأس العالم، لكنها تقتصر على أفضل أربعة فرق فقط".
"لذا، من الرائع أن تُقام هذه الفعاليات في دبي بعد أسبوعين فقط من انتهاء تلك البطولة الكبرى. ولكن بدلاً من التنافس على الفوز بمباريات هوكي الجليد، نُريد أن نتكاتف جميعاً للفوز في المعركة الأهم، معركتنا ضدّ السرطان."