محمد البلوشي: من كثبان الراشدية إلى بطل العالم في راليات الصحراء
قبل أكثر من ثلاثة عقود، كان منزل محمد البلوشي في منطقة الراشدية بدبي يوفر إطلالة بانورامية على الكثبان الرملية المهيبة.
ويتذكر البلوشي عندما سُئل عن سر نجاحه الباهر كسائق رالي في الصحراء قائلاً: "أذكر أن أول منزل لوالدي كان في الراشدية، وكان في آخر الشارع، وبعده لم يكن هناك سوى الصحراء."
لم يتمكن الشاب البلوشي من مقاومة سحر الصحراء المبهرة.
إلى جانب إرثه في رياضة السيارات، كان عمه حسن بن علي الشادور مساعداً لمحمد بن سليم، أسطورة الراليات الإماراتية والرئيس الحالي للاتحاد الدولي للسيارات. وكان حب عمه للصحراء مصدر إلهام لرحلاته التي قادته إلى الفوز ببطولة العالم في مختلف أنحاء العالم.
ويسعى المتسابق الإماراتي الآن للفوز بلقبه العالمي الثالث هذا الأسبوع في رالي دبي الصحراوي.
ويعتبر البلوشي المرشح الأوفر حظاً للفوز بالثلاثية في بطولة العالم، لكن هذه هي بداية رحلته التي تملأ قلبه بالفخر.
قال بابتسامة مشرقة "إذا سألتني عن سبب نجاحي كمتسابق رالي في الصحراء، حسناً, فالسبب هو أنني أعرف الصحراء جيداً"،
"عندما كنا صغاراً، كنا نلعب كل شيء على الكثبان الرملية. لذا، عندما حصلت على الدراجة، كان من السهل بالنسبة لي ركوبها على الرمال.
"الآن يأتي إلينا الكثير من الأوروبيين والأميركيين، ويسألوننا عن الكثير من الأمور حول الصحراء، وكيف نعرف الطريق الذي يجب أن نسلكه بينما هم يكافحون لاتخاذ القرارات الصحيحة. لكن من الصعب شرح ذلك لأننا نشأنا في هذه الصحارى، ونعرف ما يجب فعله. من الطبيعي بالنسبة لنا أن نشعر أننا في وطننا في الصحراء."
ربما شهدت دبي التحول الأروع في أقل من ثلاثة عقود مع ناطحات السحاب الشهيرة التي غيرت المشهد بالكامل، ولكن بالنسبة للبلوشي، لا تزال الرمال النقية هي الأكثر جاذبية في عينيه.
كما أضاف "بالنسبة لي، أنا رجل الصحراء منذ ولادتي. كل ما أعرفه هو الصحراء".
"من الجميل أن نرى كل هذه المباني والطرق الرائعة التي أنشأتها الحكومة من أجلنا، فقد منحتنا أسلوب الحياة الرائع هذا. ولكن في الوقت نفسه، حافظوا أيضاً على الصحراء حتى نتمكن من الاستمرار في الاستمتاع بها، والركوب فيها، والتعلق بالماضي، دون أن ننسى المستقبل."
ومن الأمور التي لن ينساها البلوشي أبداً هو الدور الذي لعبه أسطورة الراليات البلجيكي في حياته.
كما قال "لقد كنت محظوظاً بما فيه الكفاية لأن الراحل "جورج جوب" أخذني تحت جناحيه في عام 2003. لقد كان بطل العالم في رياضة موتوكروس خمس مرات".
"كان مرشدي منذ عام 2003 حتى وفاته في عام 2012. كنت أعيش في بلجيكا، وأتسابق في فرنسا وألمانيا ولوكسمبورج. لقد فعل الكثير من أجلي، وتعلمت منه الكثير، وشكل شخصيتي كرجل رياضي، وجعلني ما أنا عليه اليوم."
واعترف البلوشي أنه لم يكن ليتمكن من الوصول إلى رالي داكار لولا توجيهات جوب، الذي توفي في عام 2012 - العام الذي سجله فيه التاريخ كأول إماراتي يتأهل للرالي الأكثر شهرة في العالم.
كما قال"كان لديه كل هذه الخطط، وكان هو من قام بكل الترتيبات لكي أكون في الفريق للمشاركة في رالي داكار عام 2012. لذلك، لا أستطيع أن أشكره بما فيه الكفاية".
لا يزال أول سباقاته الستة في رالي داكار يشعره بالقشعريرة.
وقال: "رالي داكار هو قمة رياضتنا. لقد كنت محظوظاًَ جداً بالتأهل في عام 2012 للمشاركة والسباق كأول متسابق من دول مجلس التعاون الخليجي، ومع ذلك، جلب ذلك الكثير من المسؤولية".
"لقد كان العالم العربي كله يهتف لي. كان ذلك يعكس حجم الحدث في أمريكا الجنوبية. أتذكر أنني بدأت في الأرجنتين، وتدفقت موجات تلو الأخرى من الناس إلى حفل الافتتاح. كان الأمر جنونياً، لم يكن هناك مكان واحد على الطريق خالياً من الناس الذين يشجعوننا."
"لم أشهد شيئاً مثل هذا في حياتي من قبل. من الصعب جداً التعبير عن هذه التجربة بالكلمات، إنها مثل أمواج متلاحقة من الناس، جاؤوا فقط لتشجيعك على الانطلاق."
"أتذكر أن الرحلة كانت من الأرجنتين إلى تشيلي ثم إلى بيرو. بالنسبة لي، فهي تعيد إلي ذكريات رائعة."
الملعب الرئيسي
ويظل رالي دبي الصحراوي، الحدث الأبرز في منطقة الشرق الأوسط والذي يحتفل بمرور 45 عاماً على انطلاقه، قريباً جداً من قلب البلوشي.
قال الدرّاج المخضرم: "هذا الحدث مذهل لأنه إذا نظرنا حول العالم، من الصعب الحفاظ على حدث لفترة طويلة. على سبيل المثال، شاركت في رالي الفراعنة في مصر، لكنه لم يعد موجوداً. كان أحد أهم الراليات".
"هناك أمثلة كثيرة مثل هذا، لكن رالي دبي لا يزال مستمراً منذ 45 عاماً، وهذا يثبت أن وراءه الأشخاص المناسبين والاستراتيجية الصحيحة.
"ومن المهم بالنسبة لنا أن نستفيد من هذه الفرصة لأنها تقام على أرضنا. لذا، أشعر بقدر كبير من الحظ لتمثيل دولة الإمارات العربية المتحدة، وأشكر المنظمين على جلب بطولة العالم إلى بلدي.
"لقد فزت برالي دبي باها مرتين، وآمل أن أتمكن هذه المرة من أن أصبح بطل العالم في رالي باها للمرة الثالثة. سيكون لذلك تأثير كبير بالنسبة لي".