ليلة رأس السنة في الإمارات: بين أضواء المدينة وهدوء الصحراء
بينما تفتح المدن الإماراتية أبوابها لاستقبال حشود المحتفلين بليلة رأس السنة، وسط أجواء صاخبة تنبض بالحياة وتزينها عروض الألعاب النارية المبهرة، يفضل عدد كبير من الإماراتيين والمقيمين على حدّ سواء، الاحتفال بقدوم العام الجديد بعيداً عن صخب المدينة، في رحلة هادئة إلى أحضان الصحراء الساحرة.
وهرباً من زحام المدينة وشوارعها المكتظة في ليلة رأس السنة، يفضّل بعض السكان الانطلاق باكراً من منازلهم أو أعمالهم، قرابة الواحدة ظهراً، متجهين إلى مخيماتهم في الصحراء، حيث الهدوء والسكينة، ليتمتعوا بجمال الطبيعة الخلابة ويقضوا أوقاتاً ممتعة برفقة العائلة والأصدقاء.
وما أن يصلوا إلى وجهتهم، حتى يبدؤوا في إعداد أشهى المأكولات، ويقيموا حفلات شواء مبهجة، مستمتعين بأجواء عائلية دافئة بعيداً عن ضوضاء المدينة، فيحتفلون بقدوم العام الجديد في سعادة غامرة مع أحبائهم.
ويشاركنا عبيد سهيل، المقيم في دبي والبالغ من العمر 28 عاماً، تقليد عائلته السنوي بالاحتفال بليلة رأس السنة في مخيم العوير الصحراوي. ويستذكر محمد احتفالاتهم السابقة قائلاً: "ننطلق مبكراً إلى مخيمنا في العوير، حيث نقيم مخيمنا الشتوي المؤقت، ونحضّر أشهى المأكولات، ونبقى هناك حتى الثالثة فجراً هرباً من زحام العودة".
وأضاف محمد مبتسماً: "مع حلول المساء، تعجّ المخيمات بالعائلات الإماراتية، ويبدأ الجميع بالعدّ التنازلي معاً لاستقبال العام الجديد في جو من الحماس، وتُعزف الألحان الجميلة في كل مكان، وعند منتصف الليل، نسمع دويّ الألعاب النارية القادمة من المدينة البعيدة".
طقوس عائلية فريدة من نوعها
أما بالنسبة لآخرين، كالإماراتية سبتة حسن (33 عاماً)، فيحمل الاحتفال بليلة رأس السنة طابعاً عائلياً مميزاً. ففي كل عام، تجتمع عائلة سبتة في منزل عمتها الكائن على طريق العين - دبي، بعيداً عن صخب المدينة وضجيجها. وقالت سبتة: "اعتدنا أن نجتمع في هذا المنزل كل عام للاحتفال بليلة رأس السنة، فهو يقع في منطقة هادئة بعيداً عن ازدحام المدينة، ونحرص على الانطلاق مبكراً لتجنب إغلاق بعض الطرق والزحام الشديد".
وأضافت: "وتضيف عمتي الكبرى لمسة جميلة إلى هذا التقليد، فمع بداية العدّ التنازلي، تشعل شمعة، وما أن يحل العام الجديد، حتى تطفئها وتشعل شمعة جديدة."
وأوضحت أن "الشمعة الأولى تمثل العام الماضي، وإشعالها يرمز إلى التخلي عما فات، في حين تمثل الشمعة الجديدة بداية جديدة للعام الجديد".
"أردنا توديع عام 2023 بطريقة مميزة"
أما بالنسبة للمغتربين، فتشكّل ليلة رأس السنة في الصحراء تجربة فريدة لا تُنسى. فقد أمضى محمد الحسن، وهو شاب سوداني يبلغ من العمر 27 عاماً ويقيم في الشارقة، ليلة رأس السنة الماضية في مخيم صحراوي بمنطقة الخوانيج مع أصدقائه. ويستذكر تلك الليلة قائلاً: "أردنا توديع عام 2023 بطريقة مميزة".
وتقاسم الحسن تكلفة المخيم، التي بلغت حوالي 3700 درهم، مع 15 من أصدقائه. وكان المخيم مجهزاً بكل وسائل الراحة، حيث احتوى على حمام خاص وتلفزيون وبلاي ستيشن. وأضاف: "وصلنا إلى المخيم في تمام الساعة 9:30 مساءً، وبدأنا أمسيتنا بنشاط جماعي مميز، حيث اجتمعنا حول موقد النار، وكتب كل منا على ورقة الأشياء التي يريد التخلص منها في العام الجديد، الأمور التي لا يرغب في حملها معه إلى السنة الجديدة. وبعد أن تشاركنا أفكارنا، ألقينا الأوراق في النار. كما لعبنا ألعاب البطاقات والطاولة، ولكن أكثر ما استمتعت به كان تحميص المارشميلو".
وتابع الحسن قائلاً: "غادرنا المخيم في الخامسة صباحاً، وتوجّهنا إلى كايت بيتش في جميرا لتناول وجبة الإفطار، وكانت الشوارع شبه خالية في ذلك الوقت".
الاستمتاع بالألعاب النارية عن بعد
وفي حين يفضل الكثيرون قضاء ليلة رأس السنة في هدوء الصحراء، يستمتع البعض الآخر بمشاهدة الألعاب النارية عن بُعد. فقد اصطحب محمد سيف، من سكان رأس الخيمة، عائلته إلى مكان يمكنهم فيه مشاهدة الألعاب النارية المنطلقة من برج خليفة عن بُعد.
وأضاف محمد: "وجدنا موقفاً للسيارات بالقرب من إحدى الحدائق، ورغم بُعد المسافة عن موقع الحدث الرئيسي، إلا أننا تمكنا من الاستمتاع بمشاهدة رائعة للألعاب النارية التي أضاءت سماء برج خليفة".
واختتم حديثه قائلاً: "أحضرنا معنا وجبة العشاء، واستمتعنا بالأجواء الرائعة، ولكن الأهم من ذلك كلّه هو قضاء وقت مميز ومريح مع العائلة في يوم إجازتنا".
ويخططون هذا العام إمّا لتكرار التجربة نفسها، أو خوض غمار رحلة جديدة إلى الصحراء للاحتفال بقدوم العام الجديد معاً.