إدارة النفايات في المدينة البيئية بدبي: نموذج في تقليل الانبعاثات
حققت إحدى المناطق في دبي تقدماً كبيراً في إدارة النفايات، حيث سجلت أقل كمية انبعاث لغاز الكربون في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع انخفاض انبعاثات الكربون بنسبة 78% مقارنة بالمتوسط الوطني.
ويرجع هذا النجاح إلى سكان "المدينة البيئية"، الذين يلتزمون بنظام فعال لإدارة النفايات يركز على إعادة التدوير والتسميد.
وفي مقابلة مع صحيفة (خليج تايمز)، أوضحت المغتربة البريطانية "سالي ماديسون" كيف تعمل المدينة على تعزيز الحد من النفايات وتشجيع السكان على فصل نفاياتهم بحسب مصدرها.
تقول: "في السابق، كنت أعيش في منطقة"المرابع العربية"، حيث كانت لدينا بعض خيارات إعادة التدوير، لكنها لم تكن شاملة مثل تلك التي لدينا هنا في المدينة البيئية. داخل منزلنا، يتم وضع علامة على كل سلة إعادة تدوير - حتى الأطفال يعرفون بالضبط أين يضعون الأنواع مختلفة من النفايات. نقوم بفرز كل شيء: الورق والكرتون والمعادن والزجاج والبلاستيك."
"بالإضافة إلى ذلك، فإن المناظر الطبيعية هنا رائعة، و يدرك البستانيون أين يتخلصون من النفايات الخضراء، والتي يتم التقاطها بواسطة شاحنة كهربائية. وهناك أيضاً خدمة التسميد التي تجمع النفايات العضوية، مما يجعل إعادة التدوير والتسميد أسهل بشكل حقيقي."
"إنها نظام حياة"
وقالت المقيمة السابقة في أمستردام إن إعادة التدوير والاستخدام كانا أيضاً جزءاً من حياتها اليومية هناك.
وأكدت أنه من الأهمية بمكان أن نفهم أن إمكانية الوصول إلى دوام هذه التقنية تعتبر الآن قضية اجتماعية واقتصادية في جميع أنحاء العالم.
"إنها ليست مهمة صعبة على الإطلاق، بل إنها نظام حياة. لدينا أيضاً سلة مهملات عامة، ولكنّ فرز النفايات أصبح أمراً طبيعياً، مع وجود خمس سلل نفايات مختلفة في منزلنا، يعرف الجميع أين تذهب الأشياء، ولا يتطلب الأمر أي جهد إضافي. حتى طفلي البالغ من العمر أربع سنوات يلتقط الورق وأطلب منه وضعه في سلة الكرتون. لذا يشارك الجميع، ومن الجيد أن نساهم في بيئة صحية دائمة في المستقبل".
وأضافت المقيمة التي تعيش في المدينة البيئية منذ خمس سنوات: "خصصت المدينة البيئية أيضاً صناديق مخصصة للنفايات الإلكترونية والملابس. تذهب الملابس أو الألعاب القديمة إلى صندوق التبرعات، بينما يمكن وضع الأجهزة الإلكترونية المعطلة مثل المكانس الكهربائية أو الطابعات في حاوية الإلكترونيات".
وعلى نحو مماثل، يتبع "أليكس موريس" عملية مماثلة في منزله من خلال تخصيص صناديق مخصصة للتخلص من أنواع مختلفة من القمامة.
"في مجتمعنا، خصصنا صناديق للكرتون والورق والمعادن والزجاج. ويقوم السكان بفرز المواد القابلة لإعادة التدوير في منازلهم ثم يضعونها في صناديق القمامة المقابلة المتوفّرة في جميع أنحاء المدينة لكل عنصر محدد. بالإضافة إلى ذلك، تمتلك بعض الأسر أنظمة التخلص من الطعام."
"يوفر المطوّر صناديق فرز، ومعظمنا لديه صناديق في المنزل. أود أن أقول: إن الناس يبذلون عموماً جهداً جيداً لفرز نفاياتهم. يتم تفريغ صناديق النفايات بانتظام، وأعتقد مرتين في اليوم، لذلك تُجمع المواد القابلة لإعادة التدوير بشكل منتظم."
وفي معرض حديثه عن مجالات التحسين، أوضح أنه خلال فصل الصيف، قد يكون من الصعب على الناس التحلي بالصبر اللازم لفرز القمامة، خاصة عندما تصبح صناديق القمامة ممتلئة، حيث تكون البيوت مكتظّة بالسكان.
وأضاف موريس: "من المرجح أن يكون الأمر أكثر ملاءمة للسكان إذا توفرت صناديق ذات سعة أكبر. وعلى الرغم من أن الناس في هذه المدينة يقومون بالمزيد من العمل مقارنة بالمدن الأخرى، إلا أنه ما يزال هناك مجال للتحسين، خاصة عندما يتعلق الأمر بإدارة نفايات الطعام".
المشاركة المجتمعية
وفي الوقت نفسه، يتعاون فريق إدارة النفايات في المجتمع بشكل نشط مع السكان من خلال استضافة ورشات عمل تعليمية بشكل منتظم والتي لا تعمل على زيادة الوعي فحسب، بل توفر أيضاً طرقاً عملية للسكان لتبني أنماط حياة مستقبلية دائمة.
بالإضافة إلى التعليم، تُبذل الجهود لتمكين السكان من أن يصبحوا مشاركين نشطين وقادة في مجال المشاريع الدائمة من خلال تشجيعهم على المبادرة أو قيادة المشاريع التي يشعرون بالشغف تجاهها.
وقالت مروة نحلاوي، المدير العام لشركة "دايموند ديفلوبرز": "لقد أدت استراتيجياتنا البيئية الشاملة إلى حصول سكاننا على أقل كمية انبعاثات لغاز الكربون في دولة الإمارات العربية المتحدة، مع انخفاض الكربون بنسبة 78% مقارنة بالمتوسط الوطني".
وأضافت أن "هذا النهج عزز أيضاً مستوى عالٍ من المشاركة المجتمعية، حيث شارك 78% من السكان بنشاط في المبادرات الاجتماعية والبيئية أو بدؤوا في تنفيذها -على سبيل المثال- لاقت استراتيجية إدارة النفايات لدينا (والتي تتضمن الفصل عند المصدر، وتوفير صناديق الفصل للسكان داخل منازلهم) نجاحاً رئيساً، لقد سهلنا على السكان التخلص من النفايات بشكل حقيقي من خلال توفير نقاط تجميع لمختلف أنواع النفايات، بما في ذلك النفايات الإلكترونية والنفايات العضوية والنفايات الخضراء وحتى زيت الطهي، وقد سمحت لنا هذه الجهود بتحقيق تحويل مذهل للنفايات من مكبات النفايات بنسبة 87%".
وأشارت النحلاوي إلى أن التكنولوجيا تلعب دوراً حاسماً في تعزيز ممارسات دوام هذا النشاط داخل الأحياء والمدن المستقبلية.
"ولهذا السبب قمنا بتطوير برنامج "ليفينغ لاب" Living Lab، الذي يسمح لنا باختبار وتنفيذ الحلول والتقنيات ذات الصلة بهذا المشروع بسلاسة من أجل نشر أسرع، وأكثر كفاءة في مشاريعنا ومجتمعاتنا المستقبلية. وتشمل هذه التقنيات حصاد الرطوبة (استخدام فروق درجات الحرارة لتشجيع الماء على التكثف على ألواح معدنية)، وروبوتات التوصيل، والمركبات ذاتية القيادة، وكلها تساعدنا على تقليل الانبعاثات الكربونية وزيادة الكفاءة، مما يقربنا من تحقيق أهدافنا المتمثلة في الوصول للدرجة الصفرية في انبعاث الكربون."