الأعاصير تقطع الاتصال بين الفلبينيين في الإمارات وعائلاتهم في الوطن
بعد أيام من الدمار الذي خلّفته ثلاثة أعاصير استوائية متتالية في الفلبين، يعيش بعض الفلبينيين في الإمارات العربية المتحدة حالة من القلق والترقب، فقد انقطعت بهم سبل التواصل مع عائلاتهم في الوطن، مما اضطرهم للاعتماد على منشورات وسائل التواصل الاجتماعي والتقارير الإخبارية لمعرفة أحوال عائلاتهم.
وقالت "لاني كاتابانج"، المقيمة في دبي والتي تقطن عائلتها في "ديلاساج"، إحدى بلديات مقاطعة "أورورا" التي تضررت بشدة من إعصار "مان يي" (المعروف محلياً باسم "بيبيتو")، لصحيفة "خليج تايمز": "لقد تحطمت العديد من المنازل في منطقتي، وتهدم سقف منزلنا. لم أستطع التواصل مع عائلتي على مدار الأيام الأربعة الماضية. سأنفق راتب هذا الشهر على إصلاح منزلنا."
وأوضحت "كاتابانج" لصحيفة "خليج تايمز" أن آخر مرة تواصلت فيها مع والديها وإخوتها كانت يوم الأحد 17 نوفمبر، عندما تم رفع إشارة الرياح الاستوائية رقم 5 فوق أجزاء من "أورورا"، ومقاطعتي "كويرينو" و"نويفا فيزكايا" المجاورتين، وذلك عند وصول إعصار "مان يي" إلى اليابسة. وقد اقتلعت الرياح العاتية سقف منزلهم المُكوّن من طابق واحد.
وقد أعلنت الحكومة المحلية لمقاطعة "أورورا" يوم الثلاثاء 19 نوفمبر عن حالة الطوارئ جراء التأثيرات المدمرة للأعاصير "توراجي" (المعروف محلياً باسم "نيكا")، و"أوساجي" (المعروف محلياً باسم "أوفل")، و"مان يي" (المعروف محلياً باسم "بيبيتو"). وقد تسببت سلسلة الأعاصير في تشريد أكثر من 61 ألف شخص في جميع أنحاء المقاطعة التي تقع في الجزء الشرقي من منطقة "لوزون الوسطى" المُطلة على بحر الفلبين.
كان العزاء الوحيد لـ "كاتابانج" هو ما شاهدته في تقارير وسائل الإعلام المحلية عن عمليات التنظيف الجارية لإزالة الأشجار المقطوعة، وإصلاح خطوط الاتصالات والكهرباء، وإزالة الأنقاض التي تسد الطرق والممرات المائية.
ولم تُعلن السلطات المحلية عن موت ضحايا، إلا أن الأضرار طالت آلاف المنازل، وتكبّدت قطاعات الزراعة والبنية التحتية والشركات الصغيرة في "أورورا" خسائر فادحة.
وفقاً للحكومة الفلبينية، أثرت الأعاصير الثلاثة على أكثر من ثلاثة ملايين شخص، أي ما يعادل 820 ألف أسرة في 34 مقاطعة. كما نزح حوالي نصف مليون شخص بسبب هذه الأعاصير الاستوائية، ولا يزال الآلاف منهم في مراكز الإيواء.
لم أشاهد مثل هذا الدمار من قبل
قال "جيه روم أنولنج ديلا كروز" (البالغ من العمر 36 عاماً)، وهو مقيم آخر في دبي، وتعيش عائلته في "إيزابيلا": "لم أشهد مثل هذا الدمار من قبل. لم يحدث في التاريخ الحديث أن ضربت ثلاثة أعاصير متتالية مقاطعتنا في شمال الفلبين."
وأشار إلى أن الفلبين تشهد في المتوسط عشرين عاصفة وإعصاراً سنوياً. لكن منذ الأسبوع الأخير من أكتوبر، ضربت البلاد ست عواصف وإعصارات، من بينها أربعة في نوفمبر (حيث ضرب إعصار "مارسي" الفلبين في أوائل نوفمبر). وقد بلغ إجمالي عدد الوفيات في العواصف الست الماضية 163 شخصاً.
رغم انتهاء إعصار "مان يي" الفلبين يوم الاثنين 18 نوفمبر، إلا أن العديد من مناطق "إيزابيلا" ظلت غارقة في المياه حتى يوم الأربعاء. وأعلنت الحكومة الإقليمية حالة الطوارئ يوم الثلاثاء نظراً للفيضانات العارمة التي أغرقت المنازل وتسببت في نفوق الماشية وخلّفت خسائر بملايين الدولارات في قطاعي الزراعة والبنية التحتية.
وقال "ديلا كروز" إن مصدر الدخل الرئيسي لوالديه، وهو بركة الأسماك، قد دُمّر بالكامل، كما غمرت المياه منزلهم حتى مستوى الصدر. وأضاف: "حتى الآن، لا تزال الكهرباء مقطوعة عن بلدتي، ولا توجد إلا إشارة شبكة متقطعة. لحسن الحظ، وصلت مواد الإغاثة إلى عائلتي."
كانت "كاتاندوانيس"، مدينة تقع في منطقة "بيكول" المعرّضة للأعاصير جنوب العاصمة مانيلا، من بين المناطق التي تضررت بشدة جراء إعصار "مان يي".
وقال "جيان سارمينتو": "لم ترد أنباء عن وقوع وفيات، لكن عائلتي والمقاطعة بأكملها بحاجة إلى مساعدة عاجلة، حيث لا تزال إمدادات الكهرباء والمياه مقطوعة. لا أستطيع الحصول على معلومات إلا من وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المحلية، لكنني غير قادر على الاتصال بوالديّ." وأشار "سارمينتو" إلى أن أكثر من 750 ألف شخص لجؤوا إلى ملاجئ الطوارئ، بما في ذلك الكنائس ومراكز التسوق في مقاطعتهم.
وفي الوقت نفسه، قالت "لورلي ماجدروج" (البالغة من العمر 43 عاماً) إن بلدتها في "ميلاور" بمقاطعة "كامارينز سور" نجت من إعصار "مان يي"، لكن عائلتها لم تتعافَ بعد من تأثير إعصار "ترامي" (المعروف محلياً باسم "كريستين") الذي ضرب المنطقة في الأسبوع الأخير من أكتوبر.
شاركت "ماجدروج" صوراً مؤلمة لمنزلها وقد غمرته المياه، حيث طفت جميع ممتلكات الأسرة وأجهزتها المنزلية. وأضافت أن الجيران أنقذوا ابنتها قبل أن تصل المياه إلى سقف منزلهم المُكوّن من طابق واحد.
مرحلة التعافي
أكدت وزارة الرعاية الاجتماعية والتنمية الفلبينية، يوم الثلاثاء، أن السلطات الحكومية ستواصل تقديم المساعدات الإنسانية وتنفيذ برامج التدخل لدعم السكان المتضررين، مثل التحويلات النقدية الطارئة ونظام "النقد مقابل العمل". وأضافت الوزارة أن الأولوية ستُعطى لمقاطعات "أورورا" و"كاتاندوانيس" و"كاجايان" و"كويرينو" و"نويفا فيزكايا" و"كامارينز سور".
أما المغتربون الفلبينيون الذين تضررت عائلاتهم جراء العواصف، فقد سارعوا إلى إرسال الأموال إلى وطنهم لتقديم يد العون والمساعدة في هذه الظروف العصيبة.
ولخّصت "كاتابانج" الوضع قائلةً: "سأنفق راتب هذا الشهر على إصلاح منزلنا."