الإمارات: الفحص الجيني قبل الزواج يجنب الأمراض الوراثية

اتخذت دولة الإمارات العربية المتحدة خطوة هامة لتأمين صحة الأجيال القادمة حيث فرضت على المواطنين الإماراتيين إجراء الفحص الجيني قبل الزواج.

ويشمل الفحص الجيني، الذي سيصبح جزءاً لا يتجزأ من برنامج فحص ما قبل الزواج اعتباراً من يناير 2025، اختبار 570 جينا ويغطي أكثر من 840 اضطراباً.

وبحسب وزارة الصحة والوقاية من الأمراض، فإن هذه الاختبارات يمكنها تحديد ما إذا كان الزوجان يحملان طفرات جينية مشتركة قد تنتقل إلى أطفالهما في المستقبل. ومع ذلك، يمكن لعوامل مختلفة أن تؤثر على صحة الطفل، والفحص الجيني هو مجرد جانب واحد يجب مراعاته في تخطيط الأسرة.

في كثير من الأحيان، تظل هذه الطفرات خفية، ولا تظهر إلا عندما يكون كلا الوالدين حاملين للجين. وتمكن النتائج الأزواج من اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن تنظيم الأسرة.

عملية بسيطة

تشرح الدكتورة "شانيتا فاطمة"، أخصائية أمراض النساء والتوليد في مستشفى ميدكير رويال التخصصي، الخطوة الأولى. "تبدأ العملية بالاستفسار عن تاريخ صحة الأسرة. يجب التحقق من أي أمراض موجودة في الأسرة، مثل شجرة العائلة. إذا تم تحديد مرض معين، فنحن نوصي دائمًا بإجراء اختبار وراثي".

وقالت الدكتورة رحاب يوسف السعدي، رئيسة قسم طب الأسرة في مستشفى السعودي الألماني بدبي: "الإجراء في حد ذاته بسيط، حيث يتم إجراء الاختبار الجيني من خلال عينة من الدم أو اللعاب، والتي يتم تحليلها بحثًا عن حالات وراثية محددة". وتكشف النتائج، المتاحة في غضون 14 يومًا، عن مخاطر وراثية محتملة للأطفال في المستقبل.

التوافق الجيني

وبحسب وزارة الصحة ووقاية المجتمع، فإن نتائج الفحص الجيني يمكن أن تحدد مدى التوافق بين الزوجين، فإذا كانت النتائج تشير إلى التوافق، فهذا يعني أن أياً من الشريكين لا يحمل نفس المتغير الجيني المسبب للمرض، وفي هذه الحالة، يتم إجراء الاستشارة عادة من قبل طبيب الرعاية الأولية خلال جلسة ما قبل الزواج.

ومع ذلك، إذا أظهرت النتائج عدم التوافق، فهذا يعني أن كلا الشريكين يحملان نفس الجين المسبب للمرض. يتطلب هذا الموقف مزيدًا من الاستشارة من قبل مستشار وراثي، وفي الحالات النادرة الصعبة، سيكون أخصائي علم الوراثة السريرية متاحًا للدعم.

ماذا تكشف الاختبارات؟

وقال الأطباء إن الاختبارات الجينية تفحص مجموعة واسعة من الأمراض الوراثية، بما في ذلك فقر الدم المنجلي والثلاسيميا وغيرها من الاضطرابات الوراثية. وقال الدكتور السعدي: "إنها تساعد في تحديد حالة حاملي الأمراض المختلفة وتقييم المخاطر الصحية المحتملة للأجيال القادمة". ويضمن هذا النهج الوقائي استعداد الأسر بشكل أفضل للمستقبل.

ماذا لو كانت النتائج إيجابية؟

قد تؤدي نتائج الفحص الجيني إلى تغيير حياة الزوجين. فقد تكشف هذه النتائج عن مخاطر جينية مشتركة، مما يطرح سؤالاً بالغ الأهمية؛ هل تتزوج من تحب إذا كانت نتائج الفحص إيجابية؟

تحدثت الدكتورة فاطمة عن قصة زوجين كان كلا والديهما حاملين لجين مسبب للمرض. وقالت الدكتورة فاطمة: "واجه هذا الزوجان خسارة لا يمكن تصورها، فمن بين ثماني حالات حمل، نجا ثلاثة أطفال فقط، وتوفي الآخرون بعد وقت قصير من الولادة. ومن خلال الفحص الجيني والتدخل المناسب، نتمكن من مساعدتهم على إنجاب طفل سليم".

بدائل للأزواج الذين لديهم طفرات مشتركة

بالنسبة للأزواج الذين يكتشفون أنهم يحملون نفس الطفرات الجينية، فإن الطب الحديث يقدم لهم الأمل. تقول الدكتورة فاطمة: "يمكننا إجراء التشخيص الوراثي قبل الزرع (PGD) جنبًا إلى جنب مع التلقيح الصناعي لاختيار الأجنة التي لا تحمل النمط الجيني المرتبط بأمراض معينة. وهذا يضمن أن أطفالهم المولودين سيكونون آمنين وخاليين من الاضطرابات الوراثية".

التكلفة والتوافر

وبحسب الأطباء، فإن الاختبارات الجينية متاحة في كل من المرافق الصحية العامة والخاصة في الإمارات العربية المتحدة. وتقدم المستشفيات الخاصة المعتمدة هذه الخدمة كجزء من برنامج الفحص قبل الزواج. وفي حين لم يتم تحديد التكلفة الدقيقة بعد، قال الدكتور السعدي: "قد تدعم الحكومة التكلفة للمواطنين كجزء من البرنامج الإلزامي".

"الوعي ضروري"

وأكدت الدكتورة فاطمة على أهمية التوعية، وقالت: "تفحص الاختبارات الجينية التاريخ العائلي لتحديد أنماط الأمراض الوراثية، بما في ذلك الاضطرابات الأيضية والتشوهات الجنينية. ويمكن الوقاية من العديد من هذه الحالات من خلال الكشف المبكر والتدخل".