تجميد البويضات خيار جيد ولكنه مكلف
تجميد البويضات خيار جيد ولكنه مكلف

الإمارات: تجميد البويضات لمواجهة تحديات الأمومة المتأخرة

غالبية اللاتي يلجأن لتجميد البويضات من العاملات في مهن شديدة التنافسية أو ممن يخضعن للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي
تاريخ النشر

تشهد العيادات والمرافق الطبية في الإمارات زيادة في عدد النساء اللاتي يلجأن لخيار الخضوع لتجميد البويضات. ومع اختيار العديد منهن تكوين الأسرة في وقت متأخر، سمح لهن هذا الخيار بمزيد من المرونة بشأن التخطيط لحياتهن دون القلق من عدم القدرة على الحمل.

مديرة العمليات السريرية في عيادة "هيلث بلس" للخصوبة "جولز ماكدونالد"، ساعدت أكثر من 20 ألف امرأة في إجراء العملية خلال 15 عاماً من الخدمة في المجال. وقالت إنها كانت "خطة احتياطية" رائعة للعديد من النساء وأن الأمر متروك للأطباء لإجراء المحادثة معهن بهذا الشأن.

وقالت "نحن نشهد ارتفاعاً كبيراً في عدد السكان المهتمين بتجميد البويضات والذين يستفسرون عن تفاصيل الأمر. إنه شيء لا يتم الحديث عنه بما فيه الكفاية في المجتمع. لذا فإننا نسعى لطرح موضوع تجميد البويضات كحل للنساء اللاتي يزرن العيادة بشأن أي مخاوف لديهن. يجب على المختصين طرح الأمر، وسؤالهن عما إذا كن قد فكرن في ذلك وزرع الفكرة في أذهانهن".

جولز ماكدونالد.
جولز ماكدونالد.

"خلال مسيرتي المهنية، قابلت العديد من النساء اللاتي قلن إنهن يتمنين لو جمدن بويضاتهن في وقت مبكر. فبمجرد أن تبلغ المرأة 35 عاماً، تنخفض جودة البويضات لديها بشكل كبير."

تجميد البويضات هو عملية استخراج بويضات المرأة وتجميدها وتخزينها حتى تتمكن من الحمل في مرحلة لاحقة من حياتها. يؤثر عمر المرأة بشكل كبير على جودة البويضات وقدرتها على إنجاب الأطفال. في الشهر الماضي، أطلقت شركة محلية شاحنة متنقلة تتوقف في مواقع مختلفة في جميع أنحاء البلاد لتوزيع أدوات اختبار مجانية على المهتمين بتجميد البويضات. وتلقت المبادرة استجابة قوية حيث حضرت مئات النساء لإجراء الاختبار.

الرواج والاجراء

وبحسب أحد الخبراء، فإن العديد من المهتمات بهذا الإجراء هن في الثلاثينيات من العمر. وقالت الدكتورة "نايانا جابا"، أخصائية أمراض النساء والتوليد في عيادة أستر بالمطينة: "إن النساء العاملات فوق سن 35 عاماً، وخاصة أولئك من صاحبات الدخل الأعلى والعاملات في مهن شديدة التنافسية أو تتطلب مجهوداً كبيراً - مثل الرياضيات المحترفات أو الممثلات أو المديرات التنفيذيات - هن أكثر من يلجأ لاختيار هذا الإجراء، وهذا لأنهن اخترن ببساطة إعطاء الأولوية للمهنة على الأمومة ورعاية الأطفال في ذلك الوقت، حتى أن النساء غير المتزوجات يخضعن لهذا الإجراء".

الدكتورة نايانا جابا.
الدكتورة نايانا جابا.

وقالت إن المرضى الذين يتعين عليهم الخضوع للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي أو الجراحة لعلاج السرطان يختارون أيضاً هذا الإجراء لأن مثل هذه العلاجات يمكن أن تجعلهم غير قادرين على الإنجاب.

أوضحت الدكتورة "آرتي جافيري ميهتا"، أخصائية الطب الباطني وطبيبة طب نمط الحياة في "سيستين هيلث"، متى يكون أفضل وقت لتجميد البويضات. وقالت: "تظهر الأبحاث أن أفضل وقت هو عادةً بين سن 25 و 35 عاماً للحصول على بويضات بجودة مثالية. ولكن كما هو الحال مع أي قرار متعلق بالصحة، من الأهمية موازنة المخاطر والفوائد بناءً على التاريخ الطبي والظروف الفردية تحديداً.

الدكتور آرتي جافيري ميهتا
الدكتور آرتي جافيري ميهتا

وأوضحت الدكتورة نايانا كيف تتم هذه العملية قائلة: "الخطوة الأولى تسمى تحفيز المبيض حيث يتم إعطاء حقن هرمونية أو أقراص (أقل شيوعاً) لمدة أسبوع إلى عشرة أيام، وهذا يؤدي إلى نمو بويضات ناضجة. والمرحلة التالية هي استخراج البويضات، حيث يتم تجميد البويضات في مرافق خاصة لاستخدامها في المستقبل للتخصيب في المختبر".

لا وجود لضغط "الساعة البيولوجية"

ووفقاً للدكتورة آرتي، يمكن أن يعزى جزء من الاهتمام المتزايد إلى التغيير في النظام القانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة.

وأضافت: "أحد العوامل الرئيسية هو التغيير في قوانين التلقيح الصناعي في الإمارات العربية المتحدة الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020. الآن، يمكن لعيادات الخصوبة تجميد الأجنة البشرية والبويضات غير المخصبة والحيوانات المنوية، مما يمنح النساء المزيد من المرونة للحفاظ على خصوبتهن دون الشعور بضغط بشأن "الساعة البيولوجية" التي تدق. كان هناك أيضاً تحول في كيفية تفكير النساء في الخصوبة وتنظيم الأسرة، مع زيادة بالوعي والتثقيف حول الخصوبة، أصبحت النساء اللواتي يرغبن في التركيز على حياتهن المهنية أو أهدافهن الشخصية قبل تكوين أسرة أكثر انفتاحاً على خيار تجميد البويضات. كما تتلاشى الوصمة المرتبطة بإنجاب الأطفال في وقت لاحق من الحياة".

سمحت التعديلات في قانون الإمارات العربية المتحدة في عام 2021 بتجميد الأجنة البشرية والبويضات لمدة تصل إلى خمس سنوات - قابلة للتمديد بموافقة الأطراف المعنية.

وأشارت أيضاً إلى أن عدداً متزايداً من أصحاب العمل يدعمون النساء في قراراتهن. وقالت: "تقدم المزيد من الشركات مزايا للحفاظ على الخصوبة، مما يجعل النساء يشعرن بمزيد من الدعم في قرار تجميد بويضاتهن".

وقالت الدكتورة نايانا إن وسائل التواصل الاجتماعي تلعب أيضاً دوراً مهماً. وأضافت: "يقدم العديد من المؤثرين وحتى الأطباء أنفسهم محتوى تعليمياً حول تجميد البويضات. وترتفع المشاركة عندما تخضع إحدى المشاهير لمثل هذه الإجراءات. على سبيل المثال، قامت العديد من النساء المشهورات مثل "كريستين ستيوارت" و "بريانكا شوبرا" و "إيما روبرتس" بذلك وتحدثن عن الأمر مما زاد من وعي الناس".

التحديات

ومع ذلك، اعترف المختصون في المجال الطبي بوجود العديد من التحديات التي تواجهها النساء عند اتخاذ هذا القرار، وأهمها التكلفة.

تقول جولز: "إن متوسط تكلفة عملية تجميد البويضات لدورة واحدة تبلغ حوالي 15000 درهم. إن عدد دورات العلاج التي تحتاجها المرأة للحصول على عدد كافٍ من البويضات يختلف من امرأة إلى أخرى. بالإضافة إلى ذلك، يتعين عليها دفع مبلغ إضافي كل عام للتخزين. لذا فإن هذا مبلغ كبير من المال. لا تغطي معظم شركات التأمين هذا الأمر، لكنني أعتقد أن هذا أمر يجب أن تتحمله هذه الشركات بنسبة 100%. وهذا أمر من شأنه أن يعود بالنفع على السكان".

وقالت الدكتورة آرتي إن التأثيرات الهرمونية لهذا الإجراء كانت كبيرة أيضاً. "قد يسبب التحفيز الهرموني آثاراً جانبية مثل الانتفاخ وتقلبات المزاج والصداع، مما يجعل العملية شاقة جسدياً ونفسياً، ويمكن أن يؤدي عدم اليقين حول النتيجة إلى التوتر والقلق، حيث لا توجد ضمانات. يضيف التخزين طويل الأمد للبويضات مسألة معقدة أخرى، خاصة عند النظر في العوامل القانونية واللوجستية. تحتاج النساء إلى الاستعداد مالياً والحصول على دعم قوي، سواء كان من العائلة أو الأصدقاء، للمساعدة في التعامل مع المتطلبات العاطفية والجسدية للعملية".

وقالت جولز إنها تستمتع بالعمل في هذا المجال رغم كل التحديات التي واجهتها. وتتذكر قائلة: "بالنسبة لي، فإن الحادثة المميزة أكثر كانت مع أول مريضة عالجتها في عيادة في لندن. فبعد خمسة عشر عاماً من تجميد بويضاتها، جاءت لاستعادتها ثم أنجبت طفلًا جميلًا بصحة جيدة. لن أنسى أبداً شعور حمل ذلك الطفل بين ذراعي".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com