في الجبال الوعرة في الإمارات ، أصبح سعيد راشد الحفيتي البالغ من العمر 12 عاماً أصغر إماراتي يتولى مهمة البحث الصعبة عن العسل ، من الفجر وحتى منتصف النهار، ينضم سعيد إلى والده وإخوته الخمسة في بحثهم عن العسل، حاملاً تقليداً عائلياً يعود تاريخه إلى أجيال. وعلى الرغم من صغر سنه، فقد واجه سعيد بالفعل مخاطر لسعات النحل والثعابين والتضاريس الغادرة، مما يثبت تصميمه.
وبدأت رحلة سعيد في عالم صيد العسل في سن السابعة، عندما رافق والده وإخوته الأكبر سناً إلى الجبال. ورغم خوفه في البداية من لسعات النحل، إلا أن سعيد سرعان ما اكتسب الثقة، وتعلم فن جمع العسل الدقيق بالصبر والمهارة.
"كانت تجربتي الأولى مخيفة بسبب لسعات النحل، لكن بعد أن شاهدت كيف تعامل والدي وإخوتي معها، أصبحت أكثر راحة"، قال سعيد. "قبل أسبوع، قمت بجمع العسل بنفسي أيضاً".
وتنحدر عائلة الحفيتي من الفجيرة، حيث كان صيد العسل تقليداً منذ أجيال. يقول أحمد راشد الحفيتي، الأخ الأكبر لسعيد، البالغ من العمر 30 عاماً: "لقد عشنا على العسل منذ أن كنت طفلاً. كان أسلافنا يتاجرون بالعسل في الجبال ويبيعونه في دبي لكسب المال وشراء الأشياء التي يحتاجونها. والآن، نواصل هذا التقليد".
في الماضي، لم يكن صيد العسل مجرد عمل تجاري؛ بل كان أيضًا أسلوب حياة يتسم بالاحترام العميق للأرض وللآخرين. ووفقًا لأحمد، كانت هناك قاعدة غير منصوص عليها بين أولئك الذين يبحثون عن العسل.
"عندما كنا نعثر على خلية نحل ليست كبيرة الحجم، كنا نضع عليها علامة حتى لا يحصدها الآخرون"، كما يوضح. "كانت الفكرة هي أنه إذا رأى شخص آخر العلامة، فسوف يعرف أنها ملكنا وينتظر حتى نعود. كان هناك احترام بيننا - لا أحد يأخذ ما ينتمي إلى شخص آخر".
تتكون عائلة الحفيتي من ستة أشقاء، يشاركون جميعًا في تجارة صيد العسل. يقول أحمد: "إنها مسألة عائلية. ورغم أن سعيد هو الأصغر، إلا أنه تعلم بالفعل كيفية القيام بذلك. نأخذه معنا لأن من المهم نقل هذه المعرفة".
يعمل الإخوة معًا، أو كلٌّ بمفرده، بلا كلل في الجبال للعثور على العسل وحصاده، وهي مهمة تتطلب التحمل والمهارة واحترامًا عميقًا للطبيعة دون أن يغطي أي شيء أجسادهم أو وجوههم، فهم يعرفون طرق التعامل مع النحل.
ويذكر أحمد أن هناك أماكن للعسل لا يصل إليها إلا شخص أصغر منه سناً، فبتعليم أخيه الأصغر يستطيع أن يصل إلى الخلية ويقطعها بنفسه.
ومع ذلك، فإن البحث عن العسل ليس خاليًا من التحديات. فغالبًا ما تتجه الأسرة إلى مناطق نائية يصعب الوصول إليها حيث التسلقات الشديدة والمسارات الضيقة والمخاطر الخفية تجعل البحث عن العسل أمرًا شاقًا جسديًا.
في بعض الأحيان، يتعين عليهم النزول بالحبال من المنحدرات أو التسلل إلى مساحات ضيقة للوصول إلى أقراص العسل. يقول أحمد: "هذا العمل خطير. لقد صادفنا ثعابين ومنحدرات وتضاريس صعبة، لكن المكافأة المتمثلة في العثور على العسل تجعل الأمر يستحق الجهد المبذول".
ويروي أحمد قصته الخاصة، فيقول: "في إحدى المرات، وصلت إلى مكان مرتفع في الجبال ووجدت قرصين من العسل، فجمعت أحدهما، لكنني لاحظت أنني لا أستطيع النزول، وقضيت ساعة أحاول معرفة كيفية النزول. كنت وحدي، ولم تكن هناك إشارة لطلب المساعدة. وفي النهاية، تمكنت من النزول بأمان، لكن الأمر كان مخيفًا".
يأخذ الأخوان الحفيتي عملهما على محمل الجد، وتتطلب كل رحلة إلى الجبال تخطيطًا دقيقًا. وعادة ما يحملان معهما حوالي أربعة لترات من الماء.
"عندما ينفد الماء، يصبح الأمر صعبًا. نشعر بالتعب، ونبتعد عن أي إمدادات"، كما يقول أحمد. "ذات مرة، أصبت في قدمي واضطررت إلى النزول من الجبل. وفي بعض الأحيان، لا تتوفر خدمة الهاتف المحمول على الإطلاق، لذا يتعين علينا الاعتماد على بعضنا البعض إذا كنا معًا".
هناك نوعان من العسل: عسل السدر وعسل شجرة السمر. عسل السدر، المعروف بقوامه البارد والسميك، يتم حصاده خلال الأشهر الباردة، من أكتوبر إلى ديسمبر. وهو معروف بخصائصه الطبية ويمكن أن يصل سعره إلى 1000 درهم للكيلوغرام.
من ناحية أخرى، يتم حصاد عسل السمر في أشهر الصيف ويتطلب جهدًا أكبر للعثور عليه، وغالبًا ما يكون سعره أعلى ويصل إلى 1500 درهم للكيلوغرام.
يتذكر أحمد أن أفضل حصاد للعسل كان في العام الماضي، عندما تمكن من جمع 40 كيلوغرامًا. ويقول أحمد: "كان الطقس مناسبًا تمامًا في العام الماضي، حيث ساهمت الأمطار والنباتات الإضافية في الجبال في تعزيز إنتاج العسل. لقد كان موسمًا رائعًا".
بالنسبة لسعيد وإخوته، فإن صيد العسل ليس مجرد عمل عائلي؛ بل هو وسيلة للتواصل مع جذورهم. إن شغفهم وتفانيهم في الحفاظ على هذه الممارسة القديمة بمثابة تذكير ملهم بكيفية ازدهار التقاليد من خلال جهود الجيل الجديد.