يبدو أن عام 2024 كان عاماً مليئاً بالأحداث لعشاق الفضاء في الإمارات العربية المتحدة. ففي الأشهر القليلة الماضية فقط، حام قمر صغير حول الأرض، وشُوهد أكبر قمر عملاق في عام 2024، واتجه كويكب بحجم مدينة نحو كوكبنا في أكتوبر، وتم رصد مذنب نادر يظهر مرة كل عدة آلاف من السنين في سماء الإمارات العربية المتحدة.
والآن، ومع اقتراب العام من نهايته، أتيحت الفرصة أمام السكان لمشاهدة لحظة سماوية نادرة، حيث سيشكل القمر العملاق الأخير لهذا العام خلفية للأضواء الساطعة التي تخترق السماء في زخّات شهب الأسديات. وستحدث هاتان الميزتان في السادس عشر من نوفمبر/تشرين الثاني، على الرغم من أنهما ستبلغان ذروتهما في أوقات مختلفة.
يقول خبراء في الإمارات العربية المتحدة: إنّ هذا مجرد تصور خاطئ. فالسماء نشطة دائماً بالأحداث، وتصور زيادة النشاط الفضائي "يتشكل إلى حد كبير من خلال وسائل الإعلام والمنصات الاجتماعية"، وفقاً لإبراهيم غنيمات، المتخصص في رصد الهلال وعضو المركز الفلكي الدولي (IAC)، وأضاف: "يتم تسليط الضوء على بعضها أكثر بسبب ندرتها أو ميزاتها الفريدة، مما يجعلها بارزة".
وفي حين أن الأحداث السماوية متسقة عموماً بمرور الوقت، فإن ما تغير هو أن الناس أصبحوا أكثر وعياً وملاحظة بسبب الاهتمام المتزايد بعلم الفلك وزيادة الوصول إلى الموارد مثل تطبيقات علم الفلك وتحديثات وسائل التواصل الاجتماعي"، بحسب خديجة الحريري، مديرة العمليات في مجموعة دبي للفلك.
والآن، من المقرر أن تحدث ظاهرةٌ فضائيةٌ أخرى، ويمكن لسكان الإمارات العربية المتحدة في جميع أنحاء البلاد أن يشهدوا عجائبَ كونيةً، حيث يجتمع القمر العملاق وزخّة شهب الأسديات لتكوين سماء مليئة بالأحداث، وفي حين تحدث زخة شهب الأسديات سنوياً، فإن احتمالية تزامنها مع القمر العملاق، الذي يحدث عادة ثلاث إلى أربع مرات في السنة، نادرة نسبياً.
وفي شهر نوفمبر/تشرين الثاني، يستطيع سكان الإمارات العربية المتحدة أن ينظروا إلى السماء ليرصدوا هذه الأضواء الساطعة بعد منتصف الليل، وفي الساعات الأولى قبل الفجر. ورغم أن هذه الزخات ستبلغ ذروتها في منتصف ليل 17 و18 نوفمبر/تشرين الثاني، إلا أنها ستكون مرئية طوال بقية هذا الشهر تقريباً.
وبينما تستطيع العين البشرية رصد الأمطار في السماء دون الحاجة إلى معدات، فإن العثور على منطقة مظلمة مفتوحة بعيداً عن أضواء المدينة سيوفر أفضل ظروف للمشاهدة وفقاً لـ "دي جي أيه" DAG. كما تستضيف المجموعة حدثاً للمشاهدة لعشاق الفضاء والمقيمين المتحمسين في صحراء القدرة.
سيُزوَّد الحضور بالتلسكوبات وسيُرشدهم خبراء فلكيون من "دي جي أيه" DAG، الذين سيشاركون رؤاهم حول القمر العملاق والنيازك والأجرام السماوية الأخرى المرئية في السماء الليلية، وسيتضمن الحدث أيضاً جلسة مراقبة النجوم الموجهة، ومحاضرات تفاعلية، إلى جانب نصائح التصوير الفوتوغرافي لالتقاط هذه المشاهدات الفضائية المؤقتة بشكل دائم.
ومع ذلك، من المهم ملاحظة أنه على عكس بعض الأحداث الفلكية الأخرى مثل القمر العملاق، فإن التلسكوبات ليست مثالية لمشاهدة زخات شهب الأسديات؛ لأنها تتحرك بسرعة كبيرة بحيث لا تبقى في مجال الرؤية، وفقاً لما ذكره"دي جي أيه" DAG. بالإضافة إلى ذلك، في حين يضاف القمر العملاق إلى العجائب، فإن سطوعه الكامل قد يحجب بعض الشهب بسبب زيادة الضوء في السماء الليلية، مما يقلل من الرؤية الخافتة للشهب، وفقاً لمتخصص مراقبة الهلال في IAC.
في كل عام، حوالي شهر نوفمبر، تمر الأرض عبر الحطام الذي يتركه المذنب تمبل-توتل. ووفقاً لوكالة ناسا، فإن هذا المُذنّب - الذي اكتشفه إرنست تمبل وهوراس توتل بشكل مستقل في عامي 1865 و1866 على التوالي - يستغرق حوالي 33 عاماً للدوران حول الشمس.
عندما يدور المُذنَّب حول الشمس، يترك وراءه درباً من الغبار، وعندما يصطدم بالغلاف الجوي للأرض، فإنه يخلق خطوطاً نارية وملونة في السماء، وفقاً لوكالة ناسا.
وفقاً لـ "دي جي أيه" DAG، يمكن لشهب الأسديات في بعض الأحيان أن تنتج "كرات نارية - نيازك شديدة السطوع" وهي معروفة بشهبها السريعة المشرقة، التي غالباً ما تترك آثاراً مستمرة.
ملاحظة لمحبي التصوير الفلكي
لالتقاط صور الأسديات بالكاميرا، اتبع الخطوات التالية، وفقاً لـ DAG:
استخدم عدسةً واسعة الزاوية، وقُمْ بتثبيت الكاميرا على حامل ثلاثي القوائم.
سيساعدك استخدام قيمة ISO تتراوح بين 1600 و3200، مع سرعة غالق بطيئة (من 5 إلى 10 ثوانٍ)، على التقاط مسارات النيازك.
وجّه الكاميرا نحو الاتجاه العام لكوكبة الأسد.
يوصى بالتصوير بخاصية الفاصل الزمني، حيث تظهر النيازك وتختفي بسرعة، مما يسمح لك بالتقاط العديد من النيازك بمرور الوقت.
لالتقاط القمر العملاق، كل ما عليك فعله هو:
استخدم كاميرا ذات عدسة تكبير، ويفضّل أن تكون مزودةً بحامل ثلاثي القوائم لتقليل الضبابية.
استخدم قيمة ISO منخفضة وسرعة غالق تتراوح من ثانية إلى ثانيتين، للحصول على لقطات واضحة ومفصّلة.
سيكون القمر العملاق الأخير لهذا العام - قمر بيفر - هو القمر الرابع على التوالي في سلسلة عام 2024، بعد القمر العملاق الأزرق في أغسطس، وقمر الحصاد في سبتمبر، وقمر هانتر في أكتوبر.
القمر العملاق هو عندما يكون القمر في أقرب نقطة من الأرض، وبالتالي سيبدو أكبر من المعتاد، وبسبب القرب، سيبدو القمر أيضاً أكثر وضوحاً للرؤية البشرية، وفقاً لـ "دي جي أيه" DAG.
سيبلغ القمر العملاق ذروته طوال ليلة 16 نوفمبر، وسيكون أكثر وضوحاً بعد شروق القمر مباشرة، وبينما يمكن للسكان ببساطة النظر إلى الأعلى لرؤية القمر العملاق، ستوفر التلسكوبات رؤية مُحَسّنة، تُظهر المزيد من التفاصيل على سطح القمر، وفقاً لـ "دي جي أيه" DAG.
وفقاُ لخديجة، فإن اسم "قمر القندس" يأتي من التقاليد الأمريكية الأصلية والاستعمارية في أمريكا الشمالية، حيث كان يتم تسمية القمر المكتمل لكل شهر بناءً على الأنشطة الموسمية أو الأحداث الطبيعية. "كان اكتمال القمر في شهر نوفمبر يمثل الوقت الذي تستعد فيه القنادس للشتاء، وينصب الصيادون آخر مصائد القنادس قبل تجمّد المياه".
ويقول إبراهيم إن: "علماء الفلك يعتمدون على الحسابات الفلكية للأرض والقمر والمذنّبات للتنبؤ بالأحداث بدقة عالية".
على سبيل المثال، يعتمد توقيت هطول الزخات النيزكية على تقاطع مسارات حطام المذنّبات ومدار الأرض، والتي تحدث في أوقات محددة كل عام. وعلى نحو مماثل، تحدث الأقمار العملاقة أثناء مرحلة اكتمال القمر عندما يقترب مداره الإهليلجي من الأرض.
وأضاف عضو المجلس الاستشاري الدولي أن "أدوات التنبؤ والبيانات التاريخية والنماذج الفلكية تسمح للعلماء بالتنبؤ بهذه الأحداث قبل سنوات".
وقالت خديجة في مقابلة سابقة مع صحيفة خليج تايمز: إن الإمارات العربية المتحدة أصبحت الآن أكثر مشاركةً في مجال الفضاء، والسكان ينجذبون بشكل متزايد إلى هذا المجال.
وأضاف إبراهيم أن العديد من المواقع الإلكترونية والتطبيقات تقدّم الآن بيانات ومعلومات ومحاكاة مفتوحة، "مما يسمح لأي شخص باستكشاف الأحداث الفلكية القادمة والبقاء على اطلاع عليها".