بيئة العمل الداعمة للوالدين: نجاح كبير في الإمارات
باعتبارها أحد أكثر الدول تقدماً على مستوى العالم، تعمل دولة الإمارات بنشاط على تعزيز مفهوم أماكن العمل الصديقة للوالدين في الدولة، حيث تم إطلاق برنامج "علامة الجودة لبيئة عمل داعمة للوالدين" في عام 2021، وهو المبادرة الأبرز لهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة بدعم من منظمة اليونيسف الخليج.
ويمثل البرنامج جائزة لأماكن العمل التطوعي على مستوى الإمارات والذي يتيح للمؤسسات العاملة في الدولة ضمن القطاع شبه الحكومي والخاص والثالث فرصة الحصول على علامة تقديراً لالتزامها بثقافة العمل الداعمة والسياسات التي تؤثر على الأطفال من سن 0 إلى 8 سنوات. أطلق البرنامج دورته الثانية (الدورة: عملية التقديم والشهادة) من جائزة مكان العمل التطوعي، وكان بعض الحاصلين على العلامة مؤسسات مثل مبادلة وشلهوب ولينكدإن ونستله.
حتى الآن، شارك في البرنامج ما يقرب من 100 مؤسسة وأكثر من 148000 موظف من 25 صناعة مختلفة. وقد نجح برنامج "علامة الجودة لبيئة عمل داعمة للوالدين" التابع لهيئة أبوظبي للطفولة المبكرة في التأثير على 59947 موظفاً في الإمارات العربية المتحدة، و 32093 من أولياء الأمور، و 22873 طفلاً من سن 0 إلى 8 سنوات، و 253 طفلاً من أصحاب الهمم.
لا تعمل المؤسسات الصديقة للآباء على تعزيز معنويات الموظفين فحسب، بل لها تأثير إيجابي على إنتاجيتهم أيضاً. على سبيل المثال، في "مبادلة"، خلال جائحة كوفيد-19، قدم جهاز أبوظبي للاستثمار حلول العمل المرنة في مارس 2020.
قال رئيس قسم إدارة المواهب في شركة مبادلة للاستثمار، خالد زايد الحوسني، لصحيفة خليج تايمز: "يسمح الأمر للموظفين بتعديل ساعات عملهم والعمل عن بُعد لمدة تصل إلى ستة أيام كل شهر (ومنذ ذلك الحين زادت إلى ثمانية أيام)".
كما تدعم مزايا شركة مبادلة الموظفين بطرق مختلفة، بما في ذلك الدعم لتعليم الأطفال المخصص وذوي الاحتياجات الخاصة، والدعم المالي للتعليم، والتأمين الصحي الشامل للأسر. وتقدم الشركة إجازة أمومة وأبوة ممتدة، مما يمكن الآباء من قضاء الوقت مع أطفالهم حديثي الولادة وتوفير ساعات رضاعة مخصصة للأمهات الجدد، وإجازة إنسانية للمسائل العائلية العاجلة.
وأضاف الحوسني: "بالتعاون مع وزارة الثقافة والشباب، نقدم لموظفينا خدمة حضانة ومرافق رعاية أطفال عالية الجودة متاحة وبأسعار معقولة، مما يؤكد على التزامنا برفاهية موظفينا وأسرهم".
وتطبق جمعية الإمارات للطبيعة منذ تأسيسها في عام 2001 ممارسات صديقة للوالدين. وقالت ليلى عبد اللطيف، المدير العام لجمعية الإمارات للطبيعة: "تشمل سياساتنا إجازة الأمومة والأبوة الشاملة، وسياسة الإجازة المرضية التي يمكن الاستفادة منها عندما يكون الطفل مريضاً وسياسات الإجازة الطارئة الشاملة، ونتبنى ثقافة العمل المرن التي تعطي الأولوية للأهداف التي تم تحقيقها بدلاً من تسجيل الحضور".
منذ إنشائها، تتعاون حضانة "تابي توز" "Tappy Toes Nursery" مع الأطفال الصغار والأسر، وتطبق سياسات صديقة للآباء. وقالت "فورام جوهيل"، مديرة حضانة "تابي توز": "نظراً لطبيعة عملنا، فإننا نتفاعل باستمرار مع آباء الأطفال، وساعدتنا رحلتنا في العمل مع الأسر في فهم الفجوات بين أماكن العمل والحياة الأسرية".
كانت أول سياسة صديقة للآباء العاملين في الحضانة هي تقديم مقعد مجاني لطفلهم. قالت جوهيل: "لم يعمل ذلك على توفير الوقت الكافي لموظفينا لرعاية الأطفال فحسب، بل قدم أيضاً دعماً للتعليم في السنوات الأولى. لقد ساعدنا الأمر على فهم احتياج الآباء لتوفير المجال نفسياً وجسدياً لرعاية أطفالهم. لا توفر سياساتنا الصديقة للآباء لموظفينا الفرصة لتوفير الرسوم فحسب، بل يمكنها أيضاً ضمان سلامة أطفالهم في البيئات المُدارة، وبالتالي السماح لهم بالنجاح في حياتهم المهنية".
وتجلب السياسات الصديقة للوالدين مجموعة من الفوائد للمؤسسات. وقال الحوسني: "عندما يشعر الموظفون بالدعم في إدارة مسؤولياتهم الأسرية، فإنهم يكونون مستعدين بشكل أفضل لتقديم أفضل ما لديهم في العمل. وعلاوة على ذلك، فإن سياساتنا الصديقة للوالدين تجعل مبادلة جهة عمل أكثر جاذبية للموظفين المحتملين".
وباعتبارها المؤسسة الخيرية الوحيدة المرتبطة بالبيئة في دولة الإمارات العربية المتحدة، كان لزاماً على جمعية الإمارات للطبيعة أن تفكر خارج الصندوق عندما يتعلق الأمر بجمع التبرعات أو تنفيذ الحلول في عملها المتعلق بالحفاظ على البيئة. وقالت :ماجدالينا تايون"، المديرة الأولى لشؤون الأفراد في جمعية الإمارات للطبيعة: "يعد إشراك الخبراء العلميين في مجال عملهم أمراً في غاية الأهمية للاحتفاظ بالموظفين، حيث إن الخبرة متخصصة جداً وبالتالي فهي نادرة في هذا السوق. وتدعم سياساتنا الصديقة للآباء هذه الاحتفاظ بالمواهب، مما يمكننا من تشكيل فرق متفاعلة ومخلصة أكثر، مع معدلات احتفاظ ورضا وظيفي أفضل، ومما يحسن الروح المعنوية بشكل عام.
وتعمل السياسات الصديقة للآباء على خلق الثقة المتبادلة وتشجيع التواصل بين الموظفين والمؤسسة. وقالت جوهيل: "يؤدي ذلك إلى زيادة الاحتفاظ بالموظفين وتعزيز الرضا والمشاركة والدعم والولاء والالتزام. وتعتبر السياسات قناة ذات اتجاهين لأعضاء الفريق لطلب الدعم ولنا للاحتفاظ بالموظفين من خلال دعم التوازن بين العمل والحياة".
وقد استثمرت مبادلة بشكل كبير في تعزيز ثقافة شاملة وصديقة للوالدين من خلال مجموعة من البرامج والمرافق. وقال الحوسني: "لا يقتصر دعم برنامجنا الشامل الخاص بالصحة والرفاه على الموظفين بل يشمل أيضاً أفراد أسرهم، مما يعزز الرفاهية العامة لدى جميع الأفراد من القوى العاملة لدينا. كما قمنا بتطوير البنية التحتية لتوفير بيئة عمل هجينة، وإزالة الحواجز أمام ترتيبات العمل المرنة والبعيدة".
قالت جوهيل: تقدم حضانة "تابي توز" خدمات رعاية الأطفال مجاناً في دور الحضانة التابعة لها وخصومات في المدارس التابعة للموظفين. كما نقدم إجازة أبوية طويلة ونستضيف ورش عمل صديقة للآباء لخلق الوعي وتقديم الدعم. يتمتع جميع أعضاء الفريق بفرص متساوية لتطوير مهاراتهم والتفوق في العمل. وما يدل على مدى تأثير ونجاح هذا الاستثمار هو الاحتفاظ بالموظفين وردود الفعل الإيجابية".
وفي مبادلة، تُجرى استطلاعات سنوية حول مشاركة الموظفين ورفاههم لضمان وجود التوازن بين العمل والحياة ورفاهية الموظفين. وقال الحوسني: "في عام 2022، أكد جزء كبير من القوى العاملة لدينا شعورهم بالدعم العاطفي والجسدي في مكان العمل. كما أشار العديد من الموظفين إلى رضاهم عن برامج الرفاه المقدمة في مبادلة. وبحلول عام 2023، أفاد موظفونا بقدرتهم على تحقيق التوازن الفعال بين التزاماتهم الشخصية والعملية. وبالنسبة للاحتفاظ بالموظفين، أعرب عدد كبير من الموظفين عن ولائهم القوي لمبادلة، مشيرين إلى أنه سوف يتطلب الأمر الكثير لإقناعهم بمغادرتها".
إن وضع ممارسات صديقة للآباء والاعتراف بنا من قبل موظفينا كصاحب عمل صديق للآباء يجلب بالتأكيد فوائد للشركة. قالت ليلى عبد اللطيف من جمعية الإمارات للطبيعة: "في استطلاع داخلي أجريناه مؤخراً، أعرب 90٪ من الموظفين عن أن سياساتنا الصديقة للآباء قد حسنت من إنتاجيتهم في العمل وعززت رفاهيتهم بشكل عام".
وأضاف الحوسني: "نعتقد أن المؤسسات الأخرى في الإمارات العربية المتحدة ستتبنى سياسات صديقة للآباء لتعزيز إشراك الجميع ودعم رفاهية الموظفين، خاصة وأننا نسعى جاهدين لنتبنى أساليب عالمية. تساعد مثل هذه السياسات في الاحتفاظ بالمواهب المتميزة والمساهمة في النجاح العام للمؤسسة. هدفنا هو الاستمرار في تطوير ثقافتنا الداعمة، ونشعر بالمسؤولية تجاه موظفينا للاستثمار بهم بنفس القدر نطبقه في جميع مساعينا".
تقول جوهيل: "إن تقديم المساعدة والدعم لموظفينا لإيجاد التوازن بين العمل والحياة هو المفتاح لإطلاق العنان للنمو الهائل للمؤسسة، ويمكننا أن نؤكد أن مستقبل تطور المؤسسات يكمن في كونها صديقة للآباء والأمهات".