مراقبة الأهالي لأطفالهم وتغيير العادات الغذائية
مراقبة الأهالي لأطفالهم وتغيير العادات الغذائية

تأثير العادات الغذائية غير الصحية على أطفال الإمارات

أكد خبراء الصحة أن العديد من الحالات ناجمة عن التخزين غير السليم للطعام، أو العدوى الفيروسية
تاريخ النشر

نُقل طفل يبلغ من العمر ست سنوات إلى عيادة طبية بعد إصابته بإسهال شديد وقيء، وذلك بعد ساعات قليلة من حضوره حفل عيد ميلاد. وشخّص الأطباء حالته بالتسمم الغذائي، مرجّحين أن يكون السبب تناول وجبات خفيفة مخزنة بشكل غير صحيح في الحفل. وقد تعافى الطفل تماماً في غضون أسبوع بعد تلقيه العلاج اللازم، الذي تضمن تعويض السوائل والبروبيوتيك.

وهذه ليست بالحالة النادرة، حيث أعرب خبراء الصحة في دولة الإمارات العربية المتحدة عن قلقهم إزاء تزايد مشاكل الجهاز الهضمي بين الأطفال، والتي غالباً ما يكون سببها التخزين غير السليم للأطعمة، أو العادات الغذائية غير الصحية، أو العدوى الفيروسية المنتشرة في الأماكن المزدحمة مثل حفلات أعياد الميلاد والمدارس.

تغييرات غذائية بسيطة

وفي مستشفى "إنترناشيونال مودرن" بدبي، استعرض الدكتور نجيب صلاح عبد الرحمن، أخصائي أمراض الجهاز الهضمي، بعض الحالات التي عالجها مؤخراً، قائلاً: "عالجنا طفلاً يبلغ من العمر 6 سنوات كان يعاني من إمساك مزمن ناجم عن اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة وقلة شرب الماء. وبعد تعديل نظامه الغذائي ليشمل المزيد من الألياف، مع الحرص على شرب كميات كافية من الماء، اختفت أعراض الطفل في غضون أسبوعين".

وفي حالة أخرى، كانت طفلة تبلغ من العمر 10 سنوات تعاني من آلام متكررة في المعدة بسبب ارتجاع الحمض نتيجة تناول الأطعمة الحارة. وأضاف الدكتور عبد الرحمن: "نصحنا بإجراء بعض التغييرات البسيطة في نظامها الغذائي، مثل تناول وجبات أصغر حجماً على فترات متقاربة، وقد أدى ذلك إلى تحسن ملحوظ في حالتها".

واستذكر الدكتور عبد الرحمن حالة طفل يبلغ من العمر 4 سنوات أصيب بالتهاب معوي فيروسي بعد حضوره حفل عيد ميلاد، قائلاً: "كان الطفل يعاني من الإسهال والقيء، لكنه تعافى في غضون خمسة أيام بفضل تعويض السوائل والرعاية الداعمة".

وبالمثل، ذكر الدكتور "ب. روبا"، أخصائي طب الأطفال، حالة تسمم غذائي حادة، وقال: "أصيب طفل يبلغ من العمر ست سنوات بإسهال وقيء بعد تناوله وجبات خفيفة مخزّنة بطريقة غير صحيحة في حفل عيد ميلاد. وقد تعافى الطفل تماماً في غضون أسبوع بفضل العلاج الذي شمل تعويض السوائل والبروبيوتيك".

ومن بين المشكلات الشائعة الأخرى في العيادة الإمساك المتكرّر، حيث أضاف الدكتور "روبا": "لقد عالجنا مؤخراً طفلاً يبلغ من العمر 10 سنوات، وقد تحسّنت حالته بعد زيادة الأطعمة الغنية بالألياف في نظامه الغذائي، مع الحرص على شرب كميات كافية من الماء، وممارسة النشاط البدني بانتظام".

ارتفاع الحالات

وسلط الدكتور ياسر نجم، استشاري طب الأطفال ورئيس قسم الأطفال في المستشفى السعودي الألماني بدبي، الضوء على السبب الرئيسي وراء هذا الارتفاع، قائلاً: "تُعدّ العدوى والإمساك وحساسية الطعام من أكثر المشاكل شيوعاً بين الأطفال. وبينما تُعدّ العدوى مشكلة موسمية في الغالب، إلا أن حالات الإمساك وحساسية الطعام تشهد تزايداً ملحوظاً على مرّ السنين".

وأشار الدكتور نجم إلى أن طبيعة دبي المختلطة تساهم في انتشار العدوى، موضحاً: "نظراً لتوافد أعداد كبيرة من السياح والمقيمين من مختلف أنحاء العالم، فإنّ الاختلاط السكاني في المدارس والمراكز التجارية والمواقع السياحية يزيد من خطر الإصابة بالعدوى الفيروسية والبكتيرية".

وسلط الدكتور نجم الضوء على دور عوامل نمط الحياة في زيادة انتشار الإمساك، قائلاً: "إنّ النظام الغذائي الغني بالأطعمة المصنعة والوجبات السريعة، إلى جانب انخفاض النشاط البدني وسهولة الوصول إلى خدمات توصيل الطعام، يشكّل مصدر قلق كبير".

وأضاف الدكتور نجم أن حساسية الطعام قد تكون مرتبطة بالتغيرات البيئية واضطراب ميكروبيوم الأمعاء، موضحاً: "يبدأ ذلك مع الأم أثناء الحمل، وقد يتفاقم بسبب الولادات القيصرية وانخفاض معدلات الرضاعة الطبيعية". وحثّ الدكتور الآباء على طلب المساعدة الطبية في حال استمرار الأعراض.

حث الآباء على "مراقبة أطفالهم"

ويُشدّد الأطباء على أهمية تضافر الجهود لمعالجة هذه المشاكل. ويوصي الدكتور نجم الآباء بـ "مراقبة العادات الغذائية لأطفالهم، والاهتمام بنظافتهم الشخصية، وتدريبهم على استخدام المرحاض بشكل صحيح. كما تعدّ ممارسة الرياضة بانتظام، والحصول على التطعيمات اللازمة، واتباع نظام غذائي صحي من أهم العوامل التي تساهم في الوقاية من هذه الأمراض".

كما أطلقت حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة مبادرات هادفة لتعزيز أنماط الحياة الصحية بين السكان، مثل "تحدي اللياقة البدنية" في دبي، وبرنامج "معكم لأسلوب حياة نشط". وقد أظهرت الدراسات وجود علاقة وثيقة بين العادات الغذائية غير الصحية وارتفاع معدلات السمنة، مما يفاقم مشاكل الجهاز الهضمي.

وأكد الدكتور "روبا" على ضرورة "مراقبة الآباء لما يتناوله أطفالهم من طعام، وتثقيفهم حول سلامة الغذاء، والحرص على طلب الرعاية الطبية اللازمة في الوقت المناسب لأي أعراض مقلقة".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com