تحديثات قانون الأسرة في الإمارات: تمديد سن الحضانة وتبسيط حل النزاعات
يعمل قانون الأسرة الجديد في دولة الإمارات العربية المتحدة على تحديث الأطر القانونية وتعزيز حماية الأطفال والأسرة.
وينص التشريع، الذي صدر في أكتوبر 2024 ومن المقرر أن يدخل حيز التنفيذ في أبريل 2025، على إدخال تعديلات كبيرة على تنظيم حضانة الأطفال، والحقوق المالية، والوصاية التعليمية.
تمديد سن الحضانة للأولاد والبنات
ومن أبرز التغييرات التي طرأت هو تمديد سن الحضانة إلى 18 عاماً للأولاد والبنات على حد سواء.
وأوضح الدكتور "حسن الحايس"، المستشار القانوني في مكتب "عواطف محمد شوقي" للمحاماة والاستشارات القانونية، أن: "هذا التغيير يعكس التركيز الأقوى على رعاية الأطفال مع احترام استقلاليتهم المتزايدة مع نضوجهم".
في السابق، كانت الحضانة تُمنح للأمهات حتى يبلغ الصبيان 11 عاماً والفتيات 13 عاماً.
وبموجب الأحكام الجديدة، يُسمح للأطفال في سن الخامسة عشرة باختيار الطرف الذي يرغبون في العيش معه، طالما اعتبرت المحكمة أن اختيارهم يصب في مصلحتهم.
وفي الحالات التي تشمل أطفالاً يعانون من حالات طبية أو نفسية خطيرة، تظل الحضانة للأم ما لم تجد المحكمة أن ترتيباً بديلاً يخدم الطفل بشكل أفضل.
وفي خطوة تقدمية، يسمح القانون الآن للأمهات غير المسلمات بالاحتفاظ بحضانة أطفالهن من الآباء المسلمين بعد سن الخامسة، بشرط موافقة المحكمة.
ويمثل هذا تغييراً كبيراً عن القانون السابق، الذي كان ينقل الحضانة تلقائياً في هذا السن.
وأشار الدكتور "حسن" إلى أنه: "في السابق، لم يكن من حق الأمهات غير المسلمات المطالبة بحضانة أطفالهن بعد سن الخامسة. ويمنح هذا التحديث المحاكم سلطة أكبر للنظر في المصلحة الفضلى للطفل".
حل النزاعات بشكل مبسط
وينص القانون على تدابير لتسريع حل النزاعات المتعلقة بالأسرة. على سبيل المثال، تظلّ الوصاية التعليمية في المقام الأول على عاتق الأم، ولكن يمكن الآن معالجتها من خلال محكمة الأمور العاجلة، المكلفة بحل النزاعات بكفاءة أكبر.
وأضاف الدكتور "حسن": "هذه الأحكام تلغي التأخيرات الطويلة التي كانت تترك الأسر في حالة من الغموض في السابق، وخاصة في المسائل التعليمية، حيث قد تستغرق النزاعات ما يصل إلى عام لحلها".
المرونة في تقديم مطالبات الحضانة
وبموجب القواعد الجديدة، أصبح لدى الوالدين الآن سنة واحدة، بدلاً من 6 أشهر، لتقديم طلبات الحضانة.
وأضاف الدكتور "الحايس" أن: "المدة الممتدة تحسب من تاريخ معرفتهم بسبب المطالبة بالحضانة".
بالإضافة إلى ذلك، يجوز للمحاكم منح تمديدات إضافية إذا قدم المطالبون أسباباً وجيهة للتأخير.
وأوضح الدكتور "حسن": "هذا التعديل يحل مشكلة متكررة في قضايا الحضانة حيث يواجه الآباء رفضاً إجرائياً. ويضمن عدم تجاوز التفاصيل الفنية للمصلحة الفضلى للطفل".
حقوق السفر المتساوية للوالدين
بموجب القانون الجديد، أصبح من الممكن الآن منح الوالدين حقوق سفر متساوية، ممّا يسمح لأي من الوالدين بالسفر بمفرده مع طفله لمدّة تصل إلى 60 يوماً في السنة.
قد يتم منح التمديد في ظل ظروف خاصة، مثل الاحتياجات الطبية أو أسباب مبررة أخرى.
وأفاد الدكتور "الحايس": "يتيح هذا التحديث للوالدين السفر مع طفلهم في مناسبة واحدة أو أكثر خلال العام".
وأضاف الدكتور "حسن" قائلاً: "إن هذا النظام يوازن أيضاً بين حقوق الوالدين ويساعد في منع النزاعات غير الضرورية مع ضمان بقاء رفاهية الطفل هي المحور الرئيسي".
التعديلات على الدعم المالي
يقوم القانون بتوسيع تعريف الدعم الأسري ليشمل المساعدات غير النقدية، مثل الإعانات أو المساهمات العينية.
وتسمح هذه المرونة الإضافية للعائلات بتلبية احتياجاتها المحددة بشكل أكثر فعالية.
ويمكن للزوجات الآن المطالبة باسترداد النفقة المتأخرة لمدة تصل إلى 6 أشهر وطلب زيادة المبالغ المقررة.
ومع ذلك، فإن القانون يعيد ترتيب أولويات الديون أيضاً.
ويتم إعطاء مدفوعات النفقة الشهرية الأولوية على معظم الديون الأخرى، مثل الأجور غير المدفوعة أو الرسوم المهنية.
وأضاف الدكتور "حسن" أن: "هذا يضمن الوفاء بالالتزامات المالية للأسر على الفور، حتى في المواقف المالية المعقدة".
الرقابة الصارمة على وثائق الأطفال
تم فرض ضوابط أكثر صرامة فيما يتعلق بالتعامل مع وثائق هوية الأطفال.
وفي حين تحتفظ الأمهات ببطاقات الهوية الإماراتية ويحتفظ الآباء بجوازات السفر، فإن أي إساءة استخدام - مثل السفر غير المصرح به - يمكن أن يؤدي إلى عواقب قانونية وخيمة، بما في ذلك الغرامات أو السجن.
وأردف الدكتور "حسن" قائلاً: "هذه الإجراءات تعالج الثغرات القانونية السابقة، وخاصة فيما يتعلق بالسفر داخل دول مجلس التعاون الخليجي حيث لا يشترط تقديم جوازات السفر. كما أنها تحمي حقوق جميع الأطراف المعنية".
العقوبات الجنائية
ينص التشريع أيضاً على عقوبات جنائية للوصي الذي يخالف أحكام السفر أو يفشل في تسليم الوثائق للوصي الشرعي. وقد يواجه المخالفون غرامات تتراوح بين 5000 درهم إلى 100000 درهم، بالإضافة إلى أحكام بالسجن محتملة.
واختتم الدكتور "حسن" قائلاً: "إن هذا الإطار القانوني القوي يؤكد التزام دولة الإمارات العربية المتحدة بحماية الأطفال وحماية حقوق الأسرة".
ويعكس قانون الأسرة الجديد حرص دولة الإمارات العربية المتحدة على تعزيز الروابط الأسرية وضمان المصالح الأفضل لجميع أفرادها، من الأطفال إلى الوالدين المسنين، بما يتماشى مع الرؤية التقدمية للبلاد لمجتمع حديث.