دعوات لتقليص ساعات العمل للأمهات المواطنات لمواجهة تحديات الحياة المعاصرة

بدءاً من مخاوف التوازن بين العمل والحياة ووصولاً إلى ارتفاع تكاليف المعيشة، فإن الأبوة والأمومة في عصرنا الحالي تأتي مع مجموعة خاصة بها من التحديات.

ومع إشارة العديد من الأمهات إلى المخاوف المذكورة أعلاه باعتبارها عوامل تمنعهن من تكوين أسر أكبر، فإنهن الآن يأملن في أن تعمل المبادرات الحكومية الجديدة على تبسيط رحلتهن.

وفي الآونة الأخيرة، طرحت دولة الإمارات العربية المتحدة مجموعة من المبادرات لدعم الأسرة، ومن بين أهم هذه الجهود: إنشاء وزارة لشؤون الأسرة على المستوى الاتحادي، وإجازة أمومة طويلة الأمد في أبو ظبي، وبرنامج خاص في دبي.

وقالت فاطمة الزرعوني، المقيمة في دبي، إن ساعات العمل الطويلة تثبط عزيمة العديد من النساء عن إنجاب المزيد من الأطفال، ودعت شركات القطاع الخاص إلى تقليص ساعات عمل الأمهات، والسماح بالعمل عن بعد، وزيادة إجازة الأمومة.

في حين يمكن لموظفي القطاع العام الحصول على إجازة أمومة تصل إلى 90 يومًا، فإن معظم العاملين في القطاع الخاص يحصلون على 60 يومًا فقط. تقول فاطمة: "لا تستطيع كل أم الاعتماد على مساعدة العاملات المنزليات. تتطلب مسؤوليات الطهي والتنظيم والعمل من أجل الأطفال جهدًا هائلاً".

وأشارت إلى أن العديد من الأسر تعيش في منازل مستأجرة، ومع ارتفاع تكاليف المعيشة تشتد الضغوط على الأمهات.

وتدعو إلى توفير الدعم المالي والاجتماعي للأسر. وتقول: "يجب زيادة الدعم المقدم للأسر الجديدة لأن تكاليف المعيشة أعلى بكثير بعد الزواج".

وتعتقد أمينة العلوي من أبوظبي أن الأسر لم تعد قادرة على الاستمرار بدخل واحد. وأشارت إلى أنه من الصعب على الأم أن توفق بين احتياجات أطفالها وحياتها المهنية، خاصة مع ساعات العمل الطويلة. وقالت: "عندما ينتهي العمل في الرابعة أو الخامسة مساءً وأعود إلى المنزل، لا يتبقى لدي طاقة لتعليم أطفالي أو قضاء الوقت معهم".

بالنسبة لبعض النساء، قد يبدو حلم توسيع الأسرة بعيد المنال، في ظل صراعهن مع ضغوط الحياة. تقول أم سيف، التي أصبحت أمًا مؤخرًا: "الوضع يضغط عليّ".

وأوضحت المقيمة في أبوظبي أن العمل في القطاع الخاص أثناء تربية طفلها الصغير يترك لها وقتًا محدودًا للتواصل أو الراحة.

مثل العديد من الأمهات الأخريات، تواجه تحديًا هائلاً يتمثل في التوفيق بين العمل ورعاية الأطفال والمسؤوليات المنزلية. "لكنني أريد مساعدة زوجي وأسرتي ماليًا".

وقالت جمانة سليمان النقبي من رأس الخيمة إن تغيير المفاهيم المجتمعية هو التحدي الأكبر، وأضافت: "تكلفة المعيشة وتغير عقلية الجيل الجديد هي التحديات الأخرى".

سياسات جديدة ومبادرات محتملة

دعا أحد الخبراء إلى تنفيذ مبادرات وحملات توعية قبل الزواج.

كما اقترحت الدكتورة فايزة الرئيس، استشارية أمراض النساء والولادة والحمل عالي الخطورة وطب الجنين، العمل عن بعد خلال فترة التبويض لدى المرأة لتقليل الضغوط المرتبطة بالعمل، الأمر الذي قد يؤثر إيجابًا على معدلات الحمل.

"خلال فترة انتشار فيروس كورونا المستجد، لاحظنا زيادة في معدلات الحمل بين المرضى الذين يعملون من المنزل. ونعتقد أن نهجًا مماثلاً، إلى جانب الحوافز المالية، يمكن أن يساعد في تعزيز معدلات الخصوبة في الإمارات العربية المتحدة".

ومؤخراً، تم إنشاء وزارة جديدة لشؤون الأسرة في دولة الإمارات العربية المتحدة بهدف تمكين الأسرة وتعزيز تماسكها واستقرارها.

وكان صاحب السموالشيخ محمد بن راشد، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد كلف وزارة الأسرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي بتطوير التشريعات والسياسات والبرامج اللازمة لمعالجة التحديات التي تواجه الأسرة.

وأضاف أن "هذه المهمة لا تقع على عاتق الوزارة وحدها، بل هي مسؤولية مشتركة بين أولياء الأمور والوزارات والجهات المعنية، وكذلك القطاعين العام والخاص".

وتم تعيين سناء سهيل على رأس الوزارة، ومن مهامها الأساسية وضع السياسات الكفيلة بتعزيز استقرار الأسرة، واقتراح المبادرات الرامية إلى زيادة معدلات الخصوبة، وإعداد الأزواج للزواج، وضمان رفاهة الأطفال والفئات المستضعفة في المجتمع.

وفي دبي، يقدم "برنامج الشيخة هند بنت مكتوم للأسرة" حزمة شاملة تتضمن دعم الزفاف، والمساعدة في الإسكان، وسياسات العمل المرنة، والبرامج الاجتماعية والمالية والسكنية والتثقيفية.

بدأت إجازة الأمومة الممتدة للمرأة الإماراتية العاملة في القطاع الخاص في أبوظبي في سبتمبر/أيلول من العام الماضي. وكجزء من النظام، يمكن للأمهات الإماراتيات العاملات في القطاع الخاص أيضًا التقدم بطلب للحصول على دعم مالي مكمل لراتبهن أثناء إجازة الأمومة المدفوعة الأجر، طالما حصلن على موافقة صاحب العمل في القطاع الخاص.