كنوز قرآنية نادرة في "الحروف الخالدة" بالشارقة
من النص الحجازي الذي يعود تاريخه إلى النصف الثاني من القرن السابع إلى نسخة من القرآن الكريم اكتملت بعد أشهر قليلة من الفتح العثماني لبغداد عام 1638، تعد هذه المخطوطات النادرة التي لا تقدر بثمن من بين 81 كنزاً لم يسبق رؤيتها من قبل معروضة الآن في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية.
ويغطي المعرض، الذي يحمل عنوان "الحروف الخالدة: مخطوطات القرآن الكريم من مجموعة عبد الرحمن العويس"، أكثر من 1300 عام من التاريخ، ويمثل مناطق من الصين إلى الأندلس والبحر الأبيض المتوسط إلى جنوب آسيا.
ويقام المعرض في الفترة من 20 نوفمبر 2024 إلى 25 مايو 2025، ويقدم لمحة لا مثيل لها عن تطور الخط العربي من خلال الفن المقدس المتمثل في إنشاء المخطوطات القرآنية.
ومن بين أبرز المعروضات مخطوطة من القرآن الكريم تعود إلى القرن السابع أو الثامن الميلادي، وهي مكتوبة على ورق رق بالخط الحجازي، وتحتوي كل صفحة على 23 سطراً، وتتضمن آيات من سورة التوبة. وتعكس هذه المخطوطة بساطة وأناقة الخط العربي في سنوات التكوين الإسلامي.
ومن القطع الآسرة الأخرى مصحف شريف أنجزه محمد الحافظ المعروف بالإمام في يوليو 1639 للسلطان مراد الرابع. هذه المخطوطة، التي أنتجت لإحياء ذكرى الانتصارات العسكرية العثمانية، تعرض براعة فائقة في الصنع مع زخارف باللون الذهبي والأزرق الداكن على ورق كريمي مصقول، محفوظة في غلافها الجلدي العنابي الأصلي.
إن هذه المخطوطات ليست مجرد نصوص مقدسة، بل إنها أيضاً بمثابة وسيلة للتعبير عن المشاعر. وقد أوضح أحد المرشدين السياحيين في المتحف كيف تطور الخط داخل مخطوطة محمد الحافظ: "تقول القصة أنه عندما سُئل محمد الحافظ عن سبب تحسن الخط في نهاية القرآن الكريم، أرجع ذلك إلى الفرحة التي شعر بها عند سماعه خبر انتصار العثمانيين".
كما يضم المعرض مصاحف سداسية الشكل، تُعرف باسم مصاحف سنجق، والتي كانت تُربط بالأعلام أثناء المعارك طلباً للبركات وترمز إلى التفاؤل. هذه المخطوطات، التي يرجع تاريخها من القرن الحادي عشر إلى القرن التاسع عشر، مزينة بحواف مذهبة وألواح مزخرفة وخطوط معقدة بخط النسخ والغبار. وهي من أصل تركي وإيراني ومناطق إسلامية أخرى، وتقدم لمحة رائعة عن الاختلافات الإقليمية في فنون القرآن الكريم.
الإلهام وراء المجموعة
وتشكل كل هذه التحف الفنية جزءاً من مجموعة عبد الرحمن العويس. وفي حديثه لصحيفة خليج تايمز ، قال أحد مرشدي المتحف: "غالباً ما يقول السيد العويس إن شغف صاحب السموالشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الاعلى حاكم الشارقة بالفنون الإسلامية والخط العربي ألهمه لتعميق معرفته وفهمه لهذه الحرفة غير العادية".
وقد دفع هذا الإلهام العويس إلى قضاء عقود من الزمن في تنظيم مجموعة تجسد التطور التاريخي والفني للمخطوطات القرآنية، من النصوص التأسيسية مثل الحجازية إلى الابتكارات اللاحقة في الأسلوب والزخرفة.
افتتح صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة صباح يوم الأربعاء معرض حروف خالدة، مؤكداً حرص الشارقة على الحفاظ على الفن الإسلامي وتعزيزه. وتقدم النسخة الثانية من معرض حروف خالدة للزائرين فرصة فريدة لاستكشاف جمال وحرفية وأهمية المخطوطات الإسلامية التاريخية، كما أنها تقف شاهداً على الإرث الدائم للقرآن الكريم وفن الخط العربي الخالد.