مخاوف المراهقين والآباء حول تحديثات "إنستغرام"
استقبل الآباء في الإمارات بتفاؤل حذر إعلان شركة "ميتا" (Meta) عن إطلاق حسابات للمراهقين تتمتع بالخصوصية والضوابط الأبوية.
صرحت منصة إنستغرام، يوم الثلاثاء، عن إدخال إعدادات جديدة تجعل حسابات المراهقين تلقائياً خاصة، وتحد من نوع المحتوى الذي يمكنهم الوصول إليه على التطبيق.
وقال "زولتان رينديز"، من مجموعة "صن موني سولار" التي تتخذ من دبي مقراً لها، وهو أب لطفل يبلغ من العمر 13 عاماً: "هذه خطوة ضرورية صائبة. في الوقت الحالي، يبدو الأمر وكأنه الغرب المتوحش، حيث كل شيء مباح. هناك حاجة ماسة إلى لوائح صارمة لحماية المستخدمين الشباب من المحتوى غير اللائق والاحتيال ووجهات النظر المتطرفة."
ووفقاً لما جاء على الصفحة الرسمية لإنستغرام، فإن هذه التحديثات الجديدة تهدف إلى منح الآباء "راحة البال بشأن أمان أبنائهم المراهقين"، وتعزيز تجربة المراهقين من خلال تمكينهم من الوصول إلى ميزة جديدة "تتيح لهم اختيار المواضيع التي يريدون رؤية المزيد منها".
ومع ذلك، عبّر بعض المراهقين في الإمارات عن تحفظاتهم حول التغييرات. حيث قالت "ريا نيهالاني"، البالغة من العمر 16 عاماً: "أتفهم السبب وراء هذا القرار، لكنني أشعر بالاستياء عندما أرى أطفالاً في سن 6 أو 7 سنوات يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي. لا أعتقد أن القاعدة الجديدة ستكون فعالة كما هو متوقع. فالحد من ما يمكن للمراهقين الوصول إليه والنشر عليه حتى سن 15 عاماً قد يدفعهم إلى استخدام المنصات بشكل أكثر عدوانية بمجرد تجاوزهم هذا السن."
"حل مؤقت"
وتأتي هذه الخطوة من شركة "ميتا" بعد سنوات من الضغوط المستمرة من قبل مجموعات مختلفة للمطالبة ببذل المزيد من الجهود لحماية المراهقين. ومع ذلك، وصف "عمر خان"، مؤسس ورئيس مجلس إدارة منصة الصحة العقلية "هيلبلي" (Helply)، هذه المبادرة بأنها "حل مؤقت" لمشكلة معقدة.
وأضاف: "من منظور نفسي، فإن منح المراهقين مزيداً من التحكم في إعدادات الخصوصية على حساباتهم قد يساعد في تقليل تعرضهم للمحتوى الضار والتنمر والرسائل غير المرغوب فيها."
أضاف "خان": "ومع ذلك، فإن هذا لا يحل المشكلات الأساسية بشكل كامل. فحتى مع إعدادات الخصوصية، قد يظل المراهقون يعانون من مشاعر المقارنة الاجتماعية، وهو ما يساهم بشكل كبير في مشاكل الصحة العقلية. إن رؤية نسخ منقحة من حياة أقرانهم يمكن أن تؤدي إلى الشعور بعدم الكفاءة وانخفاض احترام الذات. وبالتالي، فإن مجرد تقليل التعرض لمحتوى معين لن يحل هذه المشكلة النفسية العميقة المتأصلة في طبيعة وسائل التواصل الاجتماعي نفسها".
وقالت "ميشا أكبر"، مؤسسة شركة "سما هيلث"، إنها بصفتها طبيبة نفسية وأم لمراهق، تقبلت الأخبار بحذر. وأضافت: "في حين أن هذه الأدوات تشكل خطوة إيجابية، إلا أنها مجرد قطعة واحدة من اللغز. وبصفتنا آباء، يتعين علينا أن نتجاوز مجرد وضع القيود وإجراء محادثات صادقة مع أبنائنا المراهقين حول كيفية تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على صحتهم العقلية. الأمر يتعلق بتوعيتهم وإعطاءهم الثقة اللازمة للتنقل في حياتهم الافتراضية".
وأضافت "أكبر" أنها كانت متشوقة لمعرفة رد فعل المراهقين على هذه الخطوة. وقالت: "أعتقد أنه من المهم إيجاد توازن بين فرض القيود والحرية، دون أن نبدو متشددين للغاية. لا يزال علينا أن نرى كيف سيتفاعل المراهقون مع هذه الإجراءات الجديدة. بدا ابني غير مبالٍ، ربما لأننا قمنا بوضع الحدود والقواعد بشكل واضح منذ البداية".
تأثير ضرب الخلد
وأشار عمر إلى أن هذه الخطوة قد تأتي بنتائج عكسية وتخلق ما يسمى "تأثير ضرب الخلد"، حيث قد تدفع المراهقين إلى الانتقال إلى منصات أخرى أقل رقابة. وأضاف: "إحدى العواقب غير المقصودة لهذه الإجراءات قد تكون انتقال المراهقين إلى منصات بديلة مثل سناب شات وتيك توك، والتي أصبحت تحظى بشعبية متزايدة بين الفئات الأصغر سناً الراغبة في تجنب القيود الصارمة"
وأشار إلى أن هذا الأمر قد يزيد من حجم المخاطر. وأضاف: "قد يجد المراهقون أنفسهم يتنقلون باستمرار بين المنصات، مما يجعل من الصعب على الآباء، والجهات التنظيمية، وشركات التكنولوجيا مواكبة التطورات. وقد تكون المنصات ذات الرقابة الأقل تفتقر إلى الضمانات الكافية، مما قد يعرض المراهقين في نهاية المطاف لمخاطر أكبر".
وقالت "ميشا" إن المراهقين يبحثون عن طرق لتجاوز الحدود و"تطوير المهارات" لأنهم يسعون بشكل طبيعي إلى الاستقلالية.
وقال "زولتان" إنه من المهم أن يراقب الآباء "العلامات التحذيرية" فيما يتعلق بسلوك أبنائهم المراهقين على الإنترنت. وأضاف: "إذا شعر الأطفال أنهم بحاجة إلى مغادرة إنستغرام للهروب من هذه الضوابط، فهذا يعني على الأرجح أنهم يشاركون في شيء لا يريدون لآبائهم أن يعلموا عنه شيئاً، وهذا أمر يجدر البحث فيه".
وأضاف زولتان: "في نهاية المطاف، وعلى الرغم من أن البعض قد يلجأ إلى منصات أخرى، فإن ذلك سيؤدي إلى فتح نقاش أوسع حول كيفية تنظيم الآباء لتجربة أبنائهم على الإنترنت بشكل عام، وليس مجرد التركيز على منصة واحدة فقط. ينبغي أن تكون القيود جزءاً من استراتيجية شاملة تهدف إلى حماية المراهقين، بدلاً من الاعتماد على حلول مؤقتة لتطبيق واحد مثل إنستغرام".