مي حمدي
مي حمدي

معلمة فلسطينية تكرس حياتها لتخريج أجيال في الإمارات

بدأت مي حمدي مسيرتها المهنية عام 1994 في مدرسة أبوظبي الهندية حيث اندمجت بسهولة على الرغم من أصولها العربية
تاريخ النشر

المعلمة الفلسطينية، مي حمدي، كرست أربعة عقود من عمرها للتعليم في مدرسة أبوظبي الهندية في الإمارات وهي تقول "إنه لأمر مجزٍ للغاية أن أعلم أنني السبب في تمكين العقول الشابة ليصبحوا مفكرين وقادة في المستقبل؛ لا توجد وظيفة مرضية بقدر التدريس".

وبما أنها أحد أقدم المعلمين في البلاد، أثرت حمدي على حياة الآلاف، وساهمت في إنشاء أجيال في بلد أصبح بمثابة وطنها الثاني. وقد أكسبها لطفها وتفانيها الدؤوب احترام وإعجاب الطلاب والزملاء على حد سواء.

"فخورة برؤية الطلاب يتجاوزون التوقعات"

تقول مي حمدي: "أشعر بالفخر الشديد لأنني لعبت دوراً في صياغة مستقبل طلابي".

"جئت للعمل في المدرسة في سبتمبر 1994. والآن كبر العديد من تلاميذي ليصبحوا في مناصب قمنا بإعدادهم لها، وقد تجاوزوا بالفعل توقعاتنا. وهذا ما يجعلني أشعر بالفخر. لقد كان توجيه مستقبلهم تجربة لا تصدق. عندما يدخل طلابي من أبواب المدرسة، وهم مبتسمون وفي غاية النشاط ويقولون لي "صباح الخير"، يجعلني ذلك سعيدة جداً."

لمدة 30 عاماً تقريباً، قامت حمدي بتدريس مادتي التربية الإسلامية والدراسات الاجتماعية في الإمارات العربية المتحدة حتى أصبحت الآن مشرفة اللغة العربية. وفي إطار عملها، قامت بتدريب وإرشاد العديد من الأشخاص، كما تولت مسؤوليات إدارية مختلفة في العقد الماضي.

"مدرستي مثل عائلتي"

وعلى الرغم من أصولها العربية، فقد اندمجت بسلاسة في النظام المدرسي الهندي على مدار فترة عملها التي استمرت 40 عاماً. وفي حديثها عن خلفيتها، قالت: "لقد أحببت الثقافة الهندية. ورغم أنني فلسطينية الأصل، إلا أنني ولدت ونشأت في العراق. درست حتى الصف الخامس في العراق ثم التحقت بمدرسة في الإمارات العربية المتحدة من الصف السادس. أثناء نشأتي، شاهدت العديد من أفلام بوليوود ونما لدي حب الثقافة الهندية".

وتقول مازحة: "لقد سألني كثيرون، بما في ذلك أعضاء مجلس إدارة مدرستي، عن سبب انضمامي إلى مدرسة هندية، ودائماً ما أقول: "لقد أحببت الأفلام الهندية". لقد دعمني جميع مدراء المدرسة وإدارتها بشكل كبير طوال هذه السنوات. مدرستي مثل عائلتي". امتد شغفها بالثقافة الهندية ليصل إلى فهمها للغة الهندية، وهي مدركة بالقيم والتراث المشترك بين العالم العربي وشبه القارة الهندية.

مصدر إلهام

تنسب حمدي الفضل إلى عمتها في إلهامها لاختيار حياتها المهنية، وهي مترجمة لغة إنجليزية في جامعة العراق. وتتذكر حمدي، التي تخرجت من جامعة الإمارات العربية المتحدة عام 1984: "كنت معجبة بشخصيتها وأردت أن أكون مثلها. درست الأدب الإنجليزي في الجامعة، وهو ما عزز قراري بأن أصبح معلمة".

غالباً ما يدخل تراثها الفلسطيني في دروسها، مع التركيز على قيم السلام والتقدير الثقافي والمرونة. عاماً بعد عام، يمضي تلاميذها إلى جامعات مرموقة وأدوار قيادية، ويعودون لرؤيتها للتعبير عن امتنانهم للتأثير الذي أحدثته في حياتهم. يثق بها الآباء في ما يتعلق بمستقبل أطفالهم، وهم يعلمون أنهم سينجحون أكاديمياً ويكبروا ليصبحوا أفراداً عطوفين.

وتؤكد: "لقد اخترت هذه المهنة بدافع شغفي بالتدريس. لم أرفض أي دور أسند إلي ولم أفكر مطلقاً في ترك هذه المهنة. التدريس هو شغفي وهوايتي ومهنتي. عندما أرى هذا الشغف بالتعلم ينعكس في عيون طلابي، أشعر أنني قد قمت بواجبي. إن إبقاءهم على المسار الصحيح ومشاهدة إنجازاتهم يجلب لي سعادة هائلة كمعلمة".

رفضت الحصول على راتب أعلى من مدرسة أخرى

ولم تفكر حمدي ولو لمرة واحدة في ترك العمل الذي بدأت به حياتها المهنية. وتقول: "أبلغ مفتش مدرسي مدير مدرستي السابق بعرض عمل لي لأعمل في مدرسة يرتادها أبناء الدبلوماسيين براتب أربعة أضعاف راتبي الحالي. لكنني رفضت العرض لأنني مخلصة حقاً لمدرستي الحالية التي دعمتني في وقت حرج بعد وفاة والدي".

وفي حديثها عن إحدى اللحظات التي تفتخر بها في حياتها المهنية، تحدثت عن تجاربها كمنسقة مدرسية لجوائز الشارقة للتميز وجائزة حمدان في دولة الإمارات العربية المتحدة، وجوائز ديانا في المملكة المتحدة التي تديرها لمدرستها.

أشارت المعلمة المخضرمة إلى بضعة أيام لا تزال عالقة في ذاكرتها.

"لقد تم تكريمي كأفضل منسق للجوائز من قبل جوائز الشارقة، وهو ما جعل ذلك اليوم لا يُنسى. ومن اللحظات المهمة بالنسبة لي لقاء صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، والمغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم . لقد حظيت بشرف لقاء القائدين شخصياً أثناء تمثيل مدرستي. وبصفتي ممثلاً للجوائز، ألقيت كلمة بالنيابة عن مدرستي، وأشاد صاحب السموالشيخ سلطان القاسمي بعرضي. أتذكر ذلك اليوم بوضوح؛ لقد شعرت بالفخر والإثارة على حد سواء".

وفي معرض حديثها عن الفلسفات والمبادئ التي تبنتها لسنوات عديدة في مجال التدريس والتعليم الفعال، أضافت: "إن التعامل مع التدريس بحب والالتزام بالابتكار أمر ضروري. بالإضافة إلى ذلك، فإن إعطاء الأولوية للنزاهة والولاء على الحوافز المالية أمر مهم. أنصح المعلمين الجدد بعدم الانتقال إلى مدرسة أخرى فقط من أجل الحصول على أجر أعلى. كما أشعر أن التدريس طريق ذو اتجاهين حيث أنني أتعلم من طلابي في كل يوم".

Khaleej Times - Arabic Edition
www.khaleejtimes.com